للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المسألة نص عليها الشافعية؛ فقالوا: لو كان مثلًا في حضر أو سفر، وعجز عن ذلك؛ فلا بد من أن يعلن عجزه.

وفي هذه الحالة يختلف الإمام أحمد عن الإمام مالك في قضية السلطان أو القاضي؛ فعند الإمام مالك لا بد من أن يكون ذلك برعاية القاضي أو السلطان، أي: عند اختلافهما يرفع السيد الأمر إلى القاضي أو السلطان الحاكم، ويقول: هذا العبد قد عجز عن أداء ما عليه مما اتفق عليه في العقد، أو امتنع عن الأداء، فحينئذ بأمر من القاضي أو السلطان يتم تعجيزه ويعود إلى الرق (١).

وأما عند الأئمة الثلاثة -أبي حنيفة (٢) والشافعي (٣) وأحمد- فلا يحتاج الأمر إلى سلطان (٤).

ويختلفون بعد ذلك؛ هل هذا يحتاج إلى إشهاد أو لا؟


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٤٠٦) حيث قال: "وأما اختلافهم في تعجيز المكاتب؛ فكان مالك يقول: "لا يعجزه سيده إلا عند السلطان أو القاضي أو الحاكم "، وهو قول ابن أبي ليلى، وبه قال سحنون، وقال ابن القاسم: "إذا رضي المكاتب بالعجز دون السلطان لزمه ذلك ".
(٢) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي "، للجصاص (٨/ ٣٦٥)، حيث قال: "قال أبو جعفر: " (وإذا حل على المكاتب نجم من نجوم مكاتبته، فعجز عنه، فرده مولاه في الرق برضاه دون السلطان: جاز ذلك)؛ لأن الكتابة مما يلحقه الفسخ، فيجوز لهما التراضي على فسخها، كما يجوز تراضيهما على فسخ البيع والهبة، وغيرهما من العقود التي يلحقها الفسخ بغير سلطان، وأيضًا: كما جاز إيقاع العقد بغير سلطان، جاز فسخه أيضًا". ".
(٣) يُنظر: "تحفة المحتاج "، لابن حجر الهيتمي (١٠/ ٤٠٩)، حيث قال: " (فإذا عجز نفسه) بقوله: "أنا عاجز عن كتابتي" مع تركه الأداء ولو مع القدرة عليه وهذا تصوير، والمدار إنما هو على الامتناع مع القدرة؛ فمتى امتنع من الأداء عند المحل (فللسيد) ولو على التراخي (الصبر، والفسخ بنفسه، وإن شاء بالحاكم)؛ لأنه مجمع عليه؛ فلم يتوقف على حاكم لكنه آكد فيما يظهر".
(٤) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٢/ ٦٠٨)، حيث قال: " (وإن حل) على المكاتب (نجم) من كتابته (فلم يؤده فلسيده الفسخ) كما لو أعسر المشتري بثمن المبيع قبل قبضه (بلا حكم) حاكم كرد المعيب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>