للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعند الإمام الشافعي لا بد من الإشهاد (١)، وعند غيره لا يحتاج الأمر إلى إشهاد، وسبب الخلاف في ذلك يعود إلى ما أُثر عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، فإنه كاتب عبدًا له على ألف دينار ثم أدى تسعمائة وعجز عن مائة، فأعاده عبد الله إلى الرق (٢).

وفي رواية أخرى: بأنه كاتب عبده على عشرين ألفًا، فأدَّى عشرة وعجز عن الباقي، فرده إلى الرق (٣).

وفي بحضها ثلاثين ألفًا، وأنه سافر إلى أكثر من مكان، فعاد وأعلن عجزه، وطلب أن يمحو عنه، فقال: "امحُ ذلك أنت "، أي: ما بينهما من كتابة، والقصد: إلغائها (٤).

قوله: (وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ السَّيِّدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، وَلَا قُدْرَةَ عَلَى الْأَدَاءِ).

لأنه ربما يمتلك المال ويرغب أن يبقى في الرق، لكن مَن لا مال


(١) الإشهاد عند الشافعية على الندب.
يُنظر: "تحفة المحتاج "، لابن حجر الهيتمي (١٠/ ٤١٨، ٤١٩)، حيث قال: " (فإن فسخها السيد) أو العبد (فليشهد) ندبًا احتياطًا؛ لئلا يتجاحدا"، وانظر: "التهذيب "، للبغوي (٨/ ٤٨١).
وفي باقي المذاهب لم أقف على صورة المسألة.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١/ ١٧١) عن عطاء: "أن ابن عمر كاتب غلامًا له على ألف دينار، فأداها إلا مئة، فرده في الرق ".
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ٤١٦) حيث قال: "روى سعيد بإسناده عن عطية العوفي عن ابن عمر: أنه كاتب عبده على عشرين ألفا فأدى عشرة آلاف، ثم أتاه فقال: "إني قد طفت العراق والحجاز فردني في الرق، فرده ". ".
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨/ ٤٠٧) عن ابن جريج قال: أخبرني إسماعيل بن أمية، أن نافعا أخبره، أن ابن عمر كاتب هذا الغلام على ثلاثين ألفًا، فقضى خمسة عشر ألفا، ثم جاءه، فقال: "قد عجزت" قال: "فامحها أنت "، قال نافع: "فأشرت عليه امحها"، وهو يطمع أن يعتقه، فمحاها العبد وله ابنتان وابن، فقال ابن عمر: "أعتزل جاريتي "، قال: فأعتق ابن عمر ابنه بعد، ثم الجاريتين، ثم إياه، ثم قال: "أحب الآن إن شئت ".

<<  <  ج: ص:  >  >>