للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منعه، فقوله: " فباعوها " دليل يتعلق بجواز بيع المكاتب، وهذه مسألة مستقلة سيبحثها المؤلف بعد ذلك، وسيتضح أن من العلماء من يجيز ذلك مطلقًا، ومنهم من يجيزه بشرط أن يكون البيع لأجل العتق؛ كما في مذهب الإمام أحمد كما في قصة بريرة، ولذلك ترون في نفس الروايات التي في " الصحيحين " أن عائشة قالت لبريرة: " إن شاء أهلك أعددتها لهم عدًّا "، يعني: دفعتها لهم في الحال وأصبحت حرة (١).

ومن هنا اختلف العلماء؛ هل هذا شراء للكتابة؟ أو هو شراء للعبد؟ هذه مسألة اختلف فيها العلماء أيضًا، إذًا قولها: " وتعتقيني " دليل على أن هذه المسألة تتعلق بالبيع (٢).


(١) أخرج هذه الرواية مسلم (١٥٠٤/ ٨)، عن عائشة، قالت لبريرة: " إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك، ويكون الولاء لي فعلت ".
(٢) في مذهب الأحناف: الشراء للعبودية. " وعليه فلا يجوز بيع المكاتب؛ لأن في تجويزه إبطال الكتابة إذ المشتري لا يرضى ببقائه مكاتبًا ". انظر: " الهداية في شرح بداية المبتدي "، للمرغيناني (٣/ ٢٦١).
وفي مذهب المالكية: الشراء كان للعتق، وعليه فيصح بيع المكاتب.
يُنظر: " المنتقى شرح الموطإ " للباجي (٧/ ٢٣) حيث قال: " يجوز بيع كتابة المكاتب، والدليل على ما نقوله: أن هذا عقد معاوضة، فلم يمنع صحتها ما فيه من العتق؛ كما لو اشترى عبدًا للعتق، وهذا إذا باع السيد جميع الكتابة ".
وفي مذهب الشافعية: الشراء كان للعبودية؛ لأن بيعها كان فسخًا لكتابتها، وعليه فمنعوا كتابة المكاتب في الجديد.
وحكى العمراني القولين، ينظر: " البيان "، للعمراني (٥/ ٥٩ - ٦٠) حيث قال: " في القديم: يصح البيع، فعلى هذا: لا تبطل الكتابة، ولكن إن أدى المال إلى المشتري .. عتق، وكان الولاء له، وإن عجز ورق .. كان مملوكًا له، لحديث بريرة، ولأن عتق المكاتب غير مستقر، فجاز بيعه، كالمدبر. والثاني: قال في الجديد: " لا يصح بيعه ". وهو الصحيح؛ لأن الكتابة عقد يمنع السيد من استحقاق كسب المكاتب، وأرش الجناية عليه، فمنع صحة بيعه، كما لو باعه من زيد، ثم باعه من عمرو ".
وفي مذهب الحنابلة: الشراء كان للعتق، وعليه يصح بيع المكاتب وهذا هو المشهور، وعنه: لا يصح.
يُنظر: " الكافي " لابن قدامة (٢/ ٣٣٥) حيث قال: " ويجوز بيع المكاتب؛ لأن =

<<  <  ج: ص:  >  >>