للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصل من الصحابة ممن صلَّى والدَّمُ يسيل من أنفه أو فمه، أو بصق دمًا وصلى … إلخ، وَوَجدنا أيضًا أنَّ هناك أدلة تُقوِّي هذين المذهبين (مذهبي المالكية والحنابلة)؛ فلا فرق بين نجاسةٍ ونجاسة، ولا يمكن أن نسَوِّي بين نجاسة مغلظة شديدة وَرَدَ التأكيدُ والإجماعُ عليها كالبول، وبين الدم، فهناك فرقٌ بينهما كبيرٌ.

وَكَذلك لا ننسى أن البولَ مما تعم به البلوى، أو ممَّا يصعب التحرُّز منه بخلاف الغائط، فالاحتياط فيه ميسور وسهل عن البول بخلاف الدم الذي تكون مخارجُهُ متعددةً، فقَدْ يُصَاب إنسانٌ بحبوب في مَكَانٍ من جسمه لا يدركها، فالأمثلةُ كثيرةٌ جدًّا؛ لذَلكَ العلماء يتكلَّمون عن القيح والصديد، ويُلْحِقُونه بالدم، بَلْ بعضهم يرى أنه أخفُّ، لكن المؤلف هنا لا يَسْتوفي كل المسائل.

قوله: (وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ (١)، وَعَنْهُ فِي دَمِ الحَيْضِ رِوَايَتَانِ" (٢).

أي: أنَّ مَذْهبهما متقارب جدًّا في هذه المسألة.

قوله: (وَالأَشْهَرُ مُسَاوَاتُهُ لِسَائِرِ الدِّمَاءِ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ اخْتِلَافُهُمْ فِي قِيَاسِ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ عَلَى الرُّخْصَةِ الوَارِدَةِ فِي الاسْتِجْمَارِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ هُنَاكَ بَاقِيَةٌ، فَمَنْ أَجَازَ القِيَاسَ عَلَى ذَلِكَ، اسْتَجَازَ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ، وَلذَلِكَ حَددهُ بِالدِّرْهَمِ قِيَاسًا عَلَى قَدْرِ المَخْرَجِ).

هناك حديثٌ لعائشة -رضي الله عنها-، وهو حديث صحيح: "ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد، فإذا حاضت فيه، فوقع فيه شيءٌ من الدم … " (٣).


(١) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ١٤٨) حيث قال: "القليل من النجاسة والكثير غير معفو عنه، وهو مذهب مالك، وعامة الفقهاء إلا ما خَفَّفوه في الدم".
(٢) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (١/ ١٦١) حيث قال: "واختلف قول مالك في دم الحيض، فمرة جعله كالبول والمذي والغائط، ومرة جعله كسائر الدماء".
(٣) أخرجه البخاري (٣١٢) عن عائشة قالت: "ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيءٌ من دم قالت بريقها، فقصعته بظفرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>