للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى الحديث: لم يكن لإحدانا إلا ثوب واحد، وكانت تحيض فيه، ويصيب شيءٌ من دم الحيض ثوبها، فتبله بريقها، ثم بعد ذلك تدلكه بظُفْرها وتُفرِّقه، وفي بعض الرِّوايات: "تقصعه"، لكنِّي جئتُ بما يُفسِّره "بظفرها"، يعني: تُفرِّقه، وهذا هو دَليل الحنفية في هذه المسألة.

قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ تِلْكَ رُخْصَةٌ، وَالرُّخَصُ (١) لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، مَنَعَ ذَلِكَ).

كمَا هو ظاهرٌ لدينا أن مما يُؤْخذ على المؤلف في هذا الكتاب من الناحية الحديثة أنه لا يستقصي، فهناك أدلةٌ كثيرةٌ تفوت المؤلف، لَكن ليس معنى هذا أن نُقَلِّلَ مِن قِيمَةِ الكتاب، بل نحن نَسْتفيد من طريقة منهجه في اختياره للمسائل، وفي فَوَائده المتعددة.

إذًا، مِنْ أمثلة مشكلاتِهِ أنه أحيانًا يقول: "لو صح الحديث"، وهو صحيح، وأحيانًا يناقش المسألة مناقشةً عقليَّةً مع وجود أدلة فيها … كلُّ هذه قضَايا من مسؤولية مَنْ يقوم بتدريس الكتاب أن يبينها، وغيره قَدْ يبني على الأحداث التي حَصَلتْ من الصحابة، والوقائع التي أَجْمَعوا عليها، بل وَصَل ذلك إلى أن قالوا: لو رجعتم مثلًا لـ "المغني" لوجدتم أنه نصَّ على الإجماع في ذلك، أي: يَقْصدون أنه ما دَامت هذه أقوال الصحابة وحصلت قضايا ولم تنكَر من أحدٍ؛ فيكون ذلك إجماعًا أو بمثابة إجماع.

قوله: (وَأَمَّا سَبَبُ اسْتِثْنَاءِ مَالِكٍ مِنْ ذَلِكَ الدِّمَاءَ، فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَتَفْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّجَاسَاتِ عِنْدَهُ تَنْقَسِمُ إِلَى مُغَلَّظَةٍ وَمُخَقَّفَةٍ) (٢).


(١) " الرخصة" في اللسان: عبارة عن اليسر والسهولة، وفي الشريعة: عبارة عما وسع للمكلف في فعله لعذرٍ وعجز عنه مع قيام السبب المحرم. انظر: "المستصفى" للغزالي (ص ٧٨).
(٢) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (١/ ٣١) حيث قال: " (النجاسة=

<<  <  ج: ص:  >  >>