للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَذَكر لي أنَّ فيهما قذرًا، فإذا أتى أحدُكم المسجد فليقلب نعليه، ولينظر فيهما، فَإِنْ وجد فيهما قذرًا أو أذًى، فليمسحهما، ثم ليصلِّ فيه" (١).

وَثَبتَ في "الصحيحين": "أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى بالنعلين" (٢)، وعلى هذا فيكون فِعْلهُ -صلى الله عليه وسلم- سُنَّةً؛ لأن أكثرَ أحواله أنه لم يُصَلِّ بالنعلين، فلا ينبغي أن نأتي ونتمسَّك بهذه الأمور، وَنَضعها قواعد ونبني عليها، ثم بعد ذلك نأتي لنجعلها أُسُسًا، ونرى أن مَنْ لم يأخذ بها فقد خالفنا، ونعارض! (٣).

الخلاصة: أنه لا يجوز الصلاة في النعلين إلا بعد أن نتأكَّد من طهارتهما، ولا يلزم الصلاة فيهما؛ لأنه سُنَّة وليس أصلًا، ولذلك فلا ينبغي أن يختلف المسلمون في هذه المسائل، وتؤدي إلى تفرُّقهم، وإنما ينبغي أن يعتني المسلمون بما يقرّب بينهم، وبما يوحِّد بين قُلُوبهم، ويُبْعدهمِ عن الفرقة والاختلاف فيما بينهم، يقول الله عزَّ وجلَّ {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: ١٠٥].

قال: (والمخففة)، مثل أرواث الدواب، وما لا تنفكُّ منه الطرق غالبًا، ومرَّ بنا الخلاف أن هناك مَنْ يرَى أنها غير نَجِسَةٍ، وسبق تفصيله وبيانه.

قوله: (وَمَا لَا تَنْفَكُّ مِنْهُ الطُّرُقُ غَالِبًا، وَتقْسِيمُهُمْ إِيَّاهَا إِلَى مُغَلَّظَةٍ وَمُخَفَّفَةٍ حَسَنٌ جِدًّا).

في عصرنا ربما خفَّت الطرق من مثل هذه النجاسات؛ لأنَّ الطرقَ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٦) ومسلم (٥٥٥) عن سعيد بن يزيد الأزدي، قال: سألت أنس بن مالك: أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: "نعم".
(٣) يُنظر: "الفروق" للقرافي (٤/ ١٠٥) حيث قال: "النعال الغالب عليها مصادفة النجاسات لا سيما نعل مشى بها سَنةً، وجلس بها في مواضع قضاء الحاجة سنةً، ونحوها، فالغالب النجاسة، والنادر سلامتها من النجاسة، ومع ذلك ألغى الشرع حكم الغالب، وأثبت حكم النادر، فجاءت السنة بالصلاة في النعال حتى قال بعضهم: إن قلع النعال في الصلاة بدعة، كل ذلك رحمة وتوسعة على العباد".

<<  <  ج: ص:  >  >>