للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي بَيْعِهِ؛ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يُبَاعُ الْمُكَاتَبُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى عَلَى كِتَابَتِهِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ (١)).

وهنا مسألة؛ هل يجوز بيع المكاتب؟ وكما مر أن المكاتب أصبح ذا عقد بينه وبين سيده، فهل له أن يبيعه أو لا؟ يقول الله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}، وقال سبحانه وتعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " المُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ".

إذًا بيع المكاتب يعتبر إخلالًا بهذا العقد ونقدًا له؛ لأن العقد منهم


= مكاتبته أدب ولا مهر، فإن نقصها فعليه الأرش إن أكرهها ".
ومذهب الشافعية: ينظر: " أسنى المطالب "، لزكريا الأنصاري (٤/ ٥٠٠)، وفيه قال: " (ولوجب المهر) لها عليه، ولو مع العلم بالتحريم لذلك (وتأخذه) هي (في الحال فإن) لم تأخذه وقد (حل) عليها (نجم جاءت المقاصة) بشرطها، وإن عجزت قبل أخذه سقط (ولها المطالبة بعد العتق) بالكتابة ".
وذهب أحمد إلى أن لها الصداق، ينظر: " مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه "، للكوسج (٨/ ٤٤٥٠)، حيث قال: " قال أحمد: " لا يجلد، ولكن يؤدب، لا ينبغي له أن يطأ مكاتبته إلا أن يكون شرط عليها في كتابتها، ولها عليه العقر، صداق مثلها ". ".
(١) والمنع قال به أبو حنيفة ومالك والشافعي في الجديد ورواية عن أحمد.
مذهب الأحناف، يُنظر: " المحيط البرهاني في الفقه النعماني "، لابن مازة (٦/ ٣٥١)، حيث قال: " ولا يجوز بيع المكاتب والمدبر وأم الولد ومعتق البعض، أما المكاتب؛ فلأنه استحق يدًا على نفسه ومكاتبه، وبالبيع يبطل ذلك، فيجب صيانته برد البيع إذا باع المكاتب بغير رضاه، وإن باعه برضاه، ذكر المشايخ في كتبهم: " أنه يجوز البيع وتنفسخ الكتابة "، وحكي عن الكرخي رَحَمِهُ اللهُ: أنه كان يقول: " لا رواية فيه عن أصحابنا - رحمهم الله - نصًّا، وإنما هذا شيء يقوله مشايخنا المتأخرون، وقد أشار إليه محمد في " الجامع ": إلى أنه لا يجوز ولا ينفسخ الكتابة ".
ومذهب المالكية، يُنظر: " التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب "، لخليل (٨/ ٤٤٥)، حيث قال: " … هذا مذهبنا، لا يجوز بيع المكاتب. قال في " المدونة ": " ولو رضي؛ لأن الولاء قد ثبت لعاقد الكتابة، والولاء لا يجوز نقله ". ". أما قول الشافعي والرواية عن أحمد فستأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>