للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجمهور قالوا: لا سبيلَ لهم إلى رقبته، لكن الفريق الآخر قالوا: هو سلعة، والسيد بين أمرين؛ إمَّا أن يُقَدِّمه، وإمَّا أن يُسدد عنه الحق، وهذه حقوق ترتبت عليه، ولا ينبغي أن تضيع هذه الحقوقُ.

* قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَنْ عَقْلِ (١) الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ يُسَلَّمُ فِيهَا، إِلَّا أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ سَيِّدُهُ (٢). وَالْقَوْلُ فِي: هَلْ يَحَاصُّ سَيِّدُهُ الْغُرَمَاءَ


= وتقدم، (فيقدمها) أي: ديون المعاملة على دين كتابته إن كان (محجورًا عليه) بأن ضاقت ديونه عنها، وسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه فحجر عليه (بعد تعلقها برقبته)، أي: المكاتب (فلهذا إن لم يكن بيده)، أي: المكاتب (مال فليس لغريمه تعجيزه) بعوده إلى الرق، (بخلاف أرش) جناية؛ لتعلقه برقبته، (و) بخلاف (دين كتابة)؛ لأنه بدل رقبته ".
(١) " عَقَلْتُ القتيلَ، أي: أعطَيْت ديتَه، وعقَلتُ عن القاتل: لزِمَتْهُ دِيَةٌ فأدَّيتُها عنه ". انظر: " المغرب في ترتيب المعرب "، للمطرزي (ص: ٣٢٣).
(٢) مذهب الأحناف، يُنظر: " تحفة الفقهاء "، لأبي بكر السمرقندي (٣/ ١١٧)، حيث قال: " وأمَّا جناية المكاتب فعليه دون سيده ودون عاقلته يُحكم عليه بالأقل من قيمته ومِن أرش جنايته. وهذا الأن الواجب الأصلي هو دفع الرقبة، وتسليم رقبته ممكن في الجملة؛ بأن عجز نفسه فيكون متعلقًا برقبته على طريق التوقف، فلا ينتقل الحق من رقبته إلى ذِمَّته ليؤدي من كسبه إلا بأحد معان ثلاثة: إمَّا بحكم الحاكم بأرشها عليه، أو يصطلحوا على الأرش، أو يموت ويترك مالًا أو ولدًا، وهذا الذي ذكرنا مذهبنا. وقال زفر: إنَّ جنايته تجب في ذمته بمنزلة الحر، وثمرة الخلاف تظهر في مواضع من ذلك: أن المكاتب إذا عجز قبل انتقال الجناية من رقبته يقال للمولى: ادفعه، أو افده، وعند زُفر يُباع في الأرش … ".
ومذهب المالكية، يُنظر: " المدونة " (٤/ ٦١٣)، لابن القاسم، حيث قال: " قلت: أرأيت المكاتب إذا جنى جناية، أيقضى عليه بالجناية كلها أم بقدر قيمته؟ قال: يُقضى عليه بجنايته كلها؛ لأنه بمنزلة العبد إذا جنى. فيقال لسيده: أَدَّ الجناية كلها أو أسلمه، فكذلك المكاتب، إما أن يؤدي جميع الجناية، وإلا عجز وخُيِّر سيده في أن يَفْتَكَه بالجناية، أو يُسَلِّمه بها ". وانظر: " المعونة على مذهب عالم المدينة "، للقاضي عبد الوهاب (ص: ١٤٨٠).
ومذهب الشافعية، يُنظر: " الحاوي الكبير "، للماوردي (٨/ ٢٧٥)، حيث قال: " إذا جنى المكاتب جناية توجب المال تعلقت برقبته، ووجب عليه أن يؤديها من كسبه؛ لأن بقاء الكتابة يمنع من جواز بيعه، وله ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يؤدي مال الكتابة ويعتق به، فينتقل ضمان الجناية من رقبته إلى ذمته.=

<<  <  ج: ص:  >  >>