للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما أنه يقال: لفظ الطلاق الصريح: أن يأتي بلفظ الطلاق، فعندما يذكر طلاقًا ويقول: طلقت ونحو ذلك، فهذا يعتبر صريحًا، أيضًا هنا؛ لأن التدبير هو مُشابه للوصية في أمور كثيرة؛ لأن الوصية قد يكون فيها عتق، والوصية إنما يأتي تنفيذها بعد الموت، يعني: أن يوصي الإنسان بأمر أو بأمور بعد موته، وهذا التدبير يكون بعد الموت (١)، فهل عندما يقول مثلًا: أنت حر بعد موتي، أو محرر أو عتيق بعد موتي، هل هذه وصية أو هو تدبير؟ (٢).

* قوله: (وَالنَّاسُ فِي التَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ عَلَى صِنْفَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ بِأَنْ جَعَلَ التَّدْبِيرَ لَازِمًا، وَالْوَصِيَّةَ غَيْرَ لَازِمَةٍ) (٣).


(١) ومن وجوه الشبه أيضًا: أن التدبير جار مجرى الوصية، فلا يخرج إلا من الثلث. انظر: " حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني " (٢/ ٢٣٢).
(٢) سبق ذكر الخلاف بينهم.
(٣) مذهب المالكية: التفريق بينهما.
يُنظر: " المنتقى شرح الموطأ "، للباجي (٦/ ١٤٨)، حيث قال: " والفرق بين التدبير والوصية ما ذكرناه من أن عقد الوصية عقد جائز، وعقد التدبير عقد لازم، يبين ذلك أنه لا خلاف في الرجوع عن الوصية بالقول والفعل، ولا خلاف بيننا وبين من أجاز الرجوع عن التدبير: أنه ليس له ذلك بالقول، فكذلك ليس له ذلك بالفعل ".
وكذا هو مذهب الأحناف. يُنظر: " النتف في الفتاوى "، للسغدي (١/ ٤١٤)، حيث قال: " ولا رجوع له عن التدبير في قول أبي حنيفة وأصحابه وأبي عبد الله ".
وفي مذهب الشافعية قولان. وهذان القولان مبنيان على اختلافهم في التدبير هل هو وصية، أو عتق بصفة؟ على قولين. فإذا قلنا: هو عتق بصفة لم يجز الرجوع فيه إلا بأن يخرجه من ملكه.
يُنظر: " اللباب في الفقه الشافعي "، للمحاملي (ص: ٤١٧)، وانظر: " نهاية المطلب في دراية المذهب "، للجويني (١٩/ ٣١٠).
وفي مذهب الحنابلة روايتان، يُنظر: " الروايتين والوجهين "، لأبي يعلى ابن الفراء (٣/ ١١٧)، حيث قال: " فإن أراد الرجوع في التدبير يقول: لا يزيل الملك، مثل أن يقول: رجعت في التدبير، أو رفعته، أو أزلته، أو أبطلته، فهل له ذلك أم لا؟ على روايتين، نقلهما الخرقي، أجودهما: ليس له ذلك، فعلى هذا يكون التدبير عتقًا بصفة. والثانية: له ذلك، فعلى هذا يكون وصية، وقد أومأ إليه في رواية ابن منصور ".

<<  <  ج: ص:  >  >>