للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُصُوصٍ قَالَ بِإِزَالَتِهَا بِسَائِرِ المَائِعَاتِ وَالجَامِدَاتِ الطَّاهِرَةِ، وَأَيَّدَ بِهَذَا المَفْهُوم بِالاتِّفَاقِ عَلَى إِزَالَتِهَا مِنَ المَخْرَجَيْنِ بِغَيْرِ المَاءِ، وَبِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي المَكَانِ القَذِرِ).

أَيْ أنَّه من أدلة الحنفية، وأنَّ الجمهور أجابوا عنه بأنَّ ذلك في الأمور اليابسة، وقد عبر عنها المؤلف بالعشب، وليس قصده هو العشب الذي هو الكلأ، لكن قصده العشب الذي اختلط بنجاسةٍ كما سيذكر ذلك مرارًا.

قوله: (فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ" (١)، وَكَذَلِكَ بِالآثَارِ الَّتِي خَرَّجَهَا أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمُ الأَذَى بِنَعْلَيْهِ، فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ" (٢).

هَذَا الحَديثُ أجاب عنه الجمهور بأنَّ فيه ضعفًا، لكن الحديث له عِدَّة طُرُق إلى غير ذلك ممَّا رُوِيَ في هذا المَعْنى (٣).

قوله: (إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا رُوِيَ فِي هَذَا المَعْنَى، وَمَنْ رَأَى أَنَّ لِلْمَاءِ فِي ذَلِكَ مَزِيدَ خُصُوصٍ مَنَعَ ذَلِكَ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الرُّخْصَةِ فَقَطْ، وَهُوَ المَخْرَجَان، وَلَمَّا طَالَبَتِ الحَنَفِيَّةُ الشَّافِعِيَّةَ بِذَلِكَ الخُصُوصِ المَزِيدِ الَّذِي لِلْمَاءِ، لَجَؤوا فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهَا عِبَادَةٌ).

يُحَاول المؤلف هنا أن يقيم حوارًا ومناقشةً بين الحنفية والشافعية،


(١) أخرجه أبو داود (٣٨٣) عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنها سألت أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر، فقالت أم سلمة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يطهره ما بعده"، وَصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (الأم) (٤٠٩).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٨٥) وغيره، وصححه الأَلْبَانيُّ في "المشكاة" (٥٠٣).
(٣) انظر: "صحيح أبي داود" للأَلْبَانيِّ (٢/ ٢٣٨، ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>