للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَاقعُ أنَّ النظافةَ بالماء أمر ظاهر لا إشكالَ في ذلك؛ لأنَّ الماءَ لا شك له خصوصية لا توجد في غيره، ولا يمكن أن يزيل الدهن إلا الماء مثلًا.

قوله: (وَاضْطَرَّتِ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنْ تُثْبِتَ أَنَّ فِي المَاءِ قُوَّةً شَرْعِيَّةً فِي رَفْعِ أَحْكَامِ النَّجَاسَاتِ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِ).

لكن الحنفية أقوى ما يستدلُّون به هنا هو الخلُّ، فهم يقولون: إذا تخللت الخمرُ طَهُرتْ، أي: إذا تخللت بنفسها (١).

مثال: لو أنَّ إنسانًا خلَّل الخمر، فإنها لا تَطْهُر، لكنهم يقولون: إذا تركت فتخلَّلَتْ؛ تطهر؛ إذًا هذا دليل عندهم على أن الخل يُطهِّر، ويقولون أيضًا من أدلتهم التي لم أذكرها: إن الخل أقوى في التطهيرِ والنظافةِ من الماء، وهذا تعليلهم، أما أولئك فلا يقولون بهذا.


= شيءٌ، إلا ما غَيَّر لونه، أو طعمه، أو ريحه"، والطهور: هو الطاهر في نفسه، المطهر لغيره.
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ٣١) حيث قال: "الماء المطلق يرفع الحدث، وحكم الخبث مدة كونه لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه بشيءٍ شأنه مفارقة الماء غالبًا من طاهر كلبنٍ وسمنٍ وعسلِ وحشيشٍ وورق شجر ونحوها، أو نجس كدمٍ وجيفةٍ وخمرٍ ونحوها". وانظر: "منح الجَليل" لعليش (١/ ٣٠).
مذهب الشافعية: يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ١١٥) حيث قال: "قال اللَّه تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]، يشترط لرفع الحدث".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ٣٠٩) حيث قال: "لا يجوز إزالتها بغير الماء) يعني: الماء الطهور، وهذا المذهب مطلقًا، وعليه معظم الأصحاب، وقطع به كثيرٌ منهم".
(١) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٦/ ٤٨) حيث قال: " (وخل الخمر سواء خللت أو تخللت) أي: حل خل الخمر، ولا فرق في ذلك بين أن تكون تخللت هي أو خللت. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: "نِعْمَ الإدام الخل"، مطلقًا، فيتناول جميع صورها، ولأن بالتخليل إزالة الوصف المفسد وإثبات صفة الصلاح … والمنهي عنه بما روي أن يستعمل الخمر استعمال الخل بأن ينتفع بها انتفاعه كالائتدام وغيره".

<<  <  ج: ص:  >  >>