للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قوله: (وَبِهِ قَالَتِ الظَّاهِرِيَّةُ مِنْ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ (١). وَقَالَ جَابِرٌ، وَأَبُو سَعِيدٍ: "كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِينَا لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا").

وهذا الحديث لم يُخرجه المؤلف، ولكن أخرجه ابن ماجه (٢)،


(١) لعل الظاهرية انقسموا في هذه المسألة، والذي وقفتُ عليه مِن نقل ابن حزم عن أكثرهم هو القول بعدم جواز بيعهن. ينظر: "المحلى بالآثار"، لابن حزم (٧/ ٥٠٥)، حيث قال: "ولا يَحل بيعُ أَمَة حملت من سيدها؛ لما روي عن ابن عباس قال: "لما ولدت ماريةُ إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعتقها ولدُها"، وهذا خبر صحيح السند، والحجة به قائمة. فإن قيل: الثابت عن ابن عباس القول بجواز بيع أمهات الأولاد، وهذا الخبر من روايته، فما كان ليترك ما روي إلا لضعفه عنده، ولما هو أقوى عنده؟ قلنا: لسنا نعارض -معشر الظاهريين- بهذا الغثاء من القول، ولا يعترض بهذا علينا إلا ضعاف العقل؛ لأن الحجة عندنا في الرواية، لا في الرأي، يعارض بهذا مَن يتعلق به إذا عورض بالسنن الثابتة).
ومما يدل على صحة ما قلناه أيضًا: أن ابن حزم ردَّ دلالة حديث جابر الذي فيه جواز بيع أمهات الأولاد، فقال: "أما حديث جابر فلا حجة فيه، وإن كان غاية في صحة السند؛ لأنه ليس فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك". انظر: "المحلى بالآثار" (٨/ ٢١٤).
وحكى عن بعض أصحابه التوقف في هذه المسألة، فقال: "وروي هذا أيضًا عن عمر بن عبد العزيز أنه باع أم ولد ارتدَّت، وتوقف فيها أبو الحسن ابن المغلس، وبعض أصحابنا". انظر: "المحلى بالآثار" (٨/ ٢١٤).
فلعل القائل بجواز بيعهن هو داود الظاهري ومَن وافقه من بعض أصحابه- كما قال بذلك ابنُ عبد البر وأبو الوليد ابن رشد، كما سيأتي، والسرخسي وغيرهم، لا عموم الظاهرية.
قال أبو عمر ابن عبد البر: "وكان أبو بكر الصديق، وعلي، وابن عباس، وابن الزبير، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري - رضي الله عنهم - يجيزون بيع أم الولد، وبه قال داود بن علي". انظر: "الاستذكار" (٧/ ٣٣٠).
وقال السرخسي: "وكان بشر المريسي وداود ومَن تَبعه من أصحاب الظواهر -رضوان الله عليهم أجمعين- يُجَوِّزون بيعها". "المبسوط" (٧/ ١٤٩).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>