للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأهل الظاهر -كما هو معروف- أخذوا بما كان في الصدر الأول، وهو أنها تُباع (١).

والأئمة الأربعة أخذوا بالقول الآخر: بأنها لا تُباع، أي: أخذوا بما استقر عليه رأيُ عمر، وكما جاء في أَثر "الشُّعَب" (٢) عن عبيدة قال: "خطب عليُّ بن أبي طالب الناس، فقال: استشارني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في أمهات الأولاد، فكان رأيي ورأيُه أن يعتقن، بمعنى: أن لا يُبعن، ثم إنه بدا لى غيرُ ذلك" (٣).

ولكن جاءت -أيضًا- في رواية عن عبيدة بان عليًّا - رضي الله عنه - بعد ذلك بعث إلى عبيدة وإلى القاضي شُريح، وكلاهما قاضيان، بأن يَعودا إلى ما كان عليه من القضاء في أمهات الأولاد، أي: أنه رجع مرة أُخرى إلى القول بما اتَّفق عليه هو وعمر (٤).

وابن عباس الذي نقل عنه المخالفة في ذلك بأنهن يُبعن (٥)، قال -أيضًا-: "أم الولد بمنزلة ولدها، بمعنى: أئها حرة" (٦)، وهو الذي روى


= القياس الذي يعدل إليه عن الاستحسان استحسانًا. انظر: "المعتمد"، لأبي الحسين البصري (٢/ ٢٩٦).
(١) سبق القول بأن هذا قول طائفة منهم، بينما حكى ابن حزم عن الأكثرين منهم عكس ذلك.
(٢) لا أعلم ما مراد الشارح بهذه الكلمة، فإن كان يقصد أن هذا الأثر في "شعب الإيمان" للبيهقي، فليس فيه، إنما هو له في "السنن الكبرى" و"الصغرى"، و"معرفة السنن والآثار".
(٣) سبق تخريج هذا الأثر.
(٤) أخرجه البغوي في "شرح السنة" (٩/ ٣٧٠) عن محمد بن سيرين، قال: قال لى عبيدة: "بعث إليَّ عليٌّ وإلى شُريح يقول: إني أبغض الاختلاف، فاقضوا كما كنتم تقضون، يعني: في أُمِّ الولد حتى يكون الناس جماعة، أو أموت كما مات صاحباي".
(٥) من ذلك ما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٧/ ٢٩٠) عن ابن عباس، قال: "في أم الولد: والله ما هي إلا بمنزلة بعيرِك أو شاتِك".
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١١/ ٢٠٩) عن ابن عباس، أنه "جعل أم الولد من نَصيب ولدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>