للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أورده المؤلف بأن أمهات الأولاد يعتقن، كما جاء في الحديث: "أَيُّما أَمَة وَلدت مِن سَيِّدِها فهي حُرَّة عن دُبُر" (١).

وحينئذ يبقى ما قاله بعض العلماء، كالخطابي (٢) وغيره (٣) أوَّلًا: "إمَّا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - - كما قال- لم يقف على ما كانوا يفعلون، ولم يُقِرَّهم على ذلك"، أو كما قال الخطابي: "كان بيعهن جائزًا في أول الأمر، ثم بعد ذلك نُهي عنه في آخر الأمر، ولكن ذلك لم يشتهر، فلما بلغ عمر قال بذلك القول".

وأيضًا لو كانت المسألة -كما هو معلوم- بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أَقَرَّهم على ذلك لَمَا تَشَاور عمر وعليٌّ - رضي الله عنهما - (٤)؛ لأنه لو كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ ذلك (٥)، وثبت عند الصحابة لَمَا خالفوه، ولو قُدِّر أن عمر خالف ذلك لأنكر عليه من قِبل الصحابة، ولم يحصل ذلك، ولذلك قال العلماء: إنَّ ما أخذ به عمر هو الأَوْلَى، ومن هنا أخذ به الأئمة الأربعة.

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ إِلَى أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ (٦)، وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي كُتُبِ الأُصُولِ قُوَّةُ هَذَا


(١) أخرجه ابن ماجه، وغيره، عن ابن عباس (٢٥١٥). والحديث ضعيف. انظر: "التلخيص الحبير"، لابن حجر (٤/ ٥١٩).
(٢) سبق ذِكر قوله.
(٣) كالبيهقي كما سبق.
(٤) يقصد اتفاق عمر وعلي - رضي الله عنهما - على عدم بيع أمهات الأولاد، وهذا الأثر أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"، كما سبق.
(٥) أي: أقرّ بيع أمهات الأولاد، كما سبق في حديث جابر.
(٦) ممن نقل ذلك عن الظاهرية ابنُ عبد البر، حيث قال: "احتج الذين أجازوا بيع أم الولد من أهل الظاهر بأن قالوا: قد أجمعوا على أنها تُباع قبل أن تحمل، ثم اختلفوا إذا وضعت، فالواجب بحق النظر ألا يزول حكم ما أجمعوا عليه مع جواز بيعها وهي حامل إلا بإجماع مثله إذا وضعت، ولا إجماع ها هنا". انظر: "الاستذكار" (٧/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>