للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصلح أن يستدل الجمهور بهذه المسألة، أليس الإجماع قائمًا على أنَّه لا يجوز بيعُها، وهي حامل؛ لأنه لا يُدرى ما هي؟ أهي ذكر أم أنثى؟ أتحيا أم تموت؟ ماذا سيكون؟ ولذلك وقع الإجماع، لكنه قال: إن المتأخرين من أهل الظاهر؛ كابن حزم أنكروا ذلك، ورفضهم لا يُؤثر في الحكم.

قوله: (إِلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَحْدَثُوا فِي هَذَا الأَصْلِ نَقْضًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ مَنْعَ بَيْعِهَا حَامِلًا (١). وَمِمَّا اعْتَمَدَهُ الْجُمْهُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الأَثَرِ مَا رُوِيَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- "أَنَّهُ قَالَ: فِي مَارِيَةَ سُرِّيَّتِهِ لَمَّا وَلَدَتْ إِبْرَاهِيمَ: "أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا") (٢).

ومارية القِبطية هي أُمُّ إبراهيم التي تَسَرَّاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء فيها هذا، والذي روى الحديث هو ابن عباس: "أَعْتَقَها ولدُها"، وابن عباس ممن خالف، وقد روى ذلك، وقد صَحَّ وقفُه عن عبد الله بن عباس، واختُلف في رفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣)، فإنه جاء من عِدَّة طرق ضَعَّف العلماء أكثرها (٤)، وصَحَّح بعضُهم طريقًا واحدًا


(١) لعل هذا قول داود ومَن وافقه كما سبق، وإلا فالثابت عن ابن حزم -كما سبق- فيما نقله عن الظاهرية أنهم منعوا ذلك كالجمهور. قال ابن حزم: "ولا يَحل بيع أَمَة حَمَلت من سيدها". انظر: "المحلى بالآثار" (٧/ ٥٠٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٥١٦)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٣)، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٧٧٢).
(٣) لعل الصواب أن اختلافهم في الرفع والوقف في حديث آخر، وليس الحديث الذي معنا.
ولعله الذي ذكره ابن الملقن عن عكرمة، عن عمر أنه قال: "أعتقها ولدها وإن كان سقطًا"، قال: وعن خصيف، عن عكرمة عن ابن عباس، قال عمر، فذكر نحوه، ثم قال: فعاد الحديث على عمر. ثم جعله الصحيح، ولقائل أن يقول: هما قضيتان مختلفتان لفظًا ومعنى، روى عكرمة إحداها مرفوعة والأخرى موقوفة، ولا تعلل إحداهما بالأُخرى. انظر: "البدر المنير" (٩/ ٧٥٧).
(٤) فحديثُ ابن ماجه معلول بالحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس، فهو ضعيف.=

<<  <  ج: ص:  >  >>