للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومالك في الجزئية الأخيرة: إذا انتقلت إليه وهي حامل له رأيان: رأي يتفق فيه مع الإمامين الشافعي وأحمد، ورأي ينفرد به، فيرى بأنها تكون أُمَّ ولد، ووجهته أن النُّطفة هي النطفة سواء حملت منه وهي ملكه، أو حملت منه وهي في غير ملكه (١).

ووجهة جمهور العلماء الشافعية والحنابلة ومَن معهم أنها عندما علقت منه علقت منه بمملوك؛ لأنه عندما جامعها، فحملت منه كان الغلام مملوكًا؛ لأنها لا تزال مملوكة لغيره، ولذلك لا تكون أم ولد، والأصل أنها أَمَة، لكن استثنيت صورة واحدة، وهي إذا حملت منه فولدت وهي في ملكه، واستثنيت بما نقل عن الصحابة - رضي الله عنه - (٢).

إذًا الشافعية والحنابلة وهو القول الآخر للإمام مالك اعتمدوا على ما نُقل عن الصحابة، ولا شَكَّ أن ما يُنقل عن الصحابة يعتبر دليلًا في هذا الموضوع (٣).

قوله: (وَالْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ؛ إِذْ كَانَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ أَنْ يَبِيعَ الْمَرْءُ أُمَّ وَلَدِهِ).

وهذا قول المؤلف: "والقياس"، ولكن لم يقف على هذا، وقلتُ قبل أن أُورد دليل الجمهور: هذا الماء الذي يُوضع فيها هو مِن نطفة


(١) انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف "، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ١٠٠٤)، وفيه قال: "إذا ابتاعها حاملاً ففيها روايتان؛ فوجه قوله: إنها تكون أم ولد قوله: "أيَّما امَة وُلِدت من سيِّدها" فَعَمَّ، ولأنه قد ثبت له حرمة الحرية من جهة أبيه حال الحمل، فسرى ذلك إلى أمه، أصله: لو ابتدأ الحمل في ملكه، ووجه قوله: لا تكون أم ولد: أنه حمل خلق رقيقًا كمن ابتاعها بعد الوضع ".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ٤٧١) حيث قال في تبيين وجه ما اختاروه: "لأنها علقت منه بمملوك، فلم يثبت لها حكم الاستيلاد، كما لو زنا بها، ثم اشتراها، ولأن الأصل الرق، وإنما خولف هذا الأصل فيما إذا حملت منه في ملكه بقول الصحابة - رضي الله عنه -، ففيما عداه يَبقى على الأصل".
(٣) وهو أنه لا تكون أم ولد إلا أن تلد في ملك سيدها، كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>