للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرجل، فما الفرق بين أن تكون في ملك غيره، ثم تصبح مملوكة له وهي حامل وولدت عنده، وبين أن يطأها وهي في ملكه فَتَلِد في ملكه؟

قلنا: الأصل هو المَنع (١)، وقد استثني؛ لأن هذا جاء عن الصحابة - رضي الله عنه -، إذًا هذا مُستثنى، وليس كما قال المؤلف بالقياس؛ لأن القياس إنَّما هو بالرأي، "ولو كان الدِّينُ بالرأي -كما قال علي - رضي الله عنه - لكان أسفل الخُفِّ أَوْلَى بالمسح من أعلاه" (٢).

وقول المؤلف: إنَّ ذلك من مكارم الأخلاق، فهذا شرع (٣). وهذا الحديث كما هو معلوم أورده المؤلف مَرَّتين، وقال: ليس هذا من مكارم الأخلاق.

قوله: (وَقَدْ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأخْلَاقِ").

فهل هذا العمل ينافي مكارم الأخلاق؟

الجواب: لا يُنافي مكارم الأخلاق؛ لأن هذا الأمر إنما جاء عن الصحابة، وفرق بين أن تَلد في فراشه وهي في ملكه، وبين أن تكون مملوكة لغيره، وهو أصلًا تَزَوَّجها وهو حر، أو أنه -أيضًا- كان مملوكًا فأصبح حرًّا، والحر يتزوج الأَمَة إذا لم يستطع طولًا. وهذا الحديث جاء بألفاظ عِدَّة، فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إِنَّما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكارم الأخلاق" (٤)، وفي رواية: "إنَّما بُعثت بصالح الأخلاق" (٥)، وفي


(١) أي: الأصل في الأمة ألا تكون أم ولد وما يتبع ذلك من الحرية، إلا ما استثني من أن تلد في ملك سيدها بعد أن يَطأها.
(٢) جزء من حديث أخرجه أبو داود (١٦٢)، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٥٢٥).
(٣) أي: هذا الأصل الذي أصلناه هو شرع لا يُعارض بمثل هذا المعقول.
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٣٢٣)، والبزار في "مسنده" (١٥/ ٣٦٤) عن أبي هريرة.
(٥) أخرجه أحمد في "مسنده" (٨٩٥٢) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما=

<<  <  ج: ص:  >  >>