للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رواية: "إنَّما بُعثت لأتمم مَحاسن الأخلاق" (١). ونحن عندما ننظر لما يتعلق بالأخلاق فإنكم تعلمون بأن هذا الدِّين الحنيف والشريعة الإسلامية التي أنزلها الله تعالى إنما اشتملت على أمور، ولقد قَسَّمها العلماء المعنيون بذلك فقالوا: إن هذه الشريعة لا تخلو إمَّا أن تكون عقيدة، وهذا هو الأصل والأساس الذي يَنبني عليه كل شيء؛ لأن هذه العقيدة هي الإيمان بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر؛ خيره وشره، ثم بعد ذلك تأتي العبادات التي لا يجوز أن يُصرف منها شيء لغير الله سبحانه وتعالى، ثم يأتي بعد ذلك القسم الثالث، وهو الأخلاق؛ فهي جزء من هذه الشريعة، ثم تأتي بعد ذلك المعاملات، فالعبادة نجد أنها صلة تكون بين العبد وربه، وأما المعاملات فهي علاقة تتم بين المسلم وبين أخيه، وهذه المعاملات ينبغي أن تُبنى على الصدق، وأن تُبنى على التعاون وعلى الرَّحمة: "البَيِّعان بالخِيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبَيَّنا بُورك لهما في بيعهما" (٢).

إذا، رأينا أن هذه الأخلاق لها مكانة عظيمة في الإسلام؟ ولهذا نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان سيد أهل الأخلاق، فهو قدوتنا، والله تعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [الأحزاب: ٢١]، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان قدوة في


= بُعثت لأتمم صالح الأخلاق "، وصحح الألباني هذه الرواية والتي قبلها في "السلسلة الصحيحة" (٤٥).
(١) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٠/ ٦٥) عن معاذ بن جبل، ولفظه: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني رجل أحب الجمال، وإني أحب أن أحمد -كأنه يخاف على نفسه- فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما يَمنعك أن تُحبَّ أن تعيش حميدًا، وتَموت فقيدًا؟ وإنَّما بُعثت على تمام محاسن الأخلاق ".
قال الهيثمي: "رواه الطبرانيُّ والبزار إلا أنه قال: "إنَّما بُعثت بمحاسن الأخلاق "، وفيه عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني، وهو ضعيف. انظر: "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" (٨/ ٢٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢/ ٤٧) عن حكيم بن حزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>