للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخلاقه في حالة السراء والضراء، وفي حالة الغضب والسرور، وهو لا يغضب إلا عندما تُنتهك حرمة من حرمات الله (١)، ولذلك نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جوادًا، وكان كريمًا، وكان بشوشًا، وكان سَمِح المُحيا، دائمًا عليه الصلاة والسلام يَبتسم، كأنَّ وجهه قطعة من قَمر، وكان رؤوفًا بالمؤمنين، وكان أصحابه يسيرون على هذا المنهج: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: ٢٩]، والله تعالى يقول: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨]، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقربكم مني مَنزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، المُوطئون أكنافًا، الذين يَألفون ويُؤلفون" (٢)، وعندما أوصى رجلًا قال له: "اتَّقِ اللهَ حيثما كنتَ، وأَتْبع السيئة الحسنة تَمحها، وخَالِق النَّاسَ بِخُلق حَسَن" (٣)، فهذه كلمات من جوامع كَلِمه عليه الصلاة والسلام، وهذه التقوى هو أن تجعل بينك وبين عذاب اللّه ما يَقيك، بأن تجعل سدًّا منيعًا يحفظك من أن تقع في عذاب اللّه تعالى، وذلك باتَباع ما يأمرك الله تعالى به، وما جاءك عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن تَجتنب ما نَهَى عنه في هذا الكتاب الكريم، وما جاء النهي عنه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن تكون وَقَّافًا عند حدود الله، وأن


(١) معنى حديث أخرجه البخاري (٦٧٨٦)، ومسلم (٧٧/ ٢٣٢٧)، عن عائشة - رضي الله عنه -، قالت: "ما خيِّر النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يَأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه، والله ما انتقم لنفسه في شيء يُؤتى إليه قط، حتى تنتهك حرمات الله، فينتقم لله".
(٢) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٤/ ٣٥٦) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا، الموطئون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون، وليس مِنَّا من لا يألف ولا يؤلف ". وقال: "لم يَرو هذا الحديث عن محمد بن عيينة إلا يعقوب بن أبي عباد"، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٧٥١).
(٣) أخرجه الترمذي (١٩٨٧) عن أبي ذر، وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٥٠٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>