للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا جزء يسير من أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسيرون وفق ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ الذي رباهم هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تربوا في مدرسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذوا العلم ونهلوه من مَعينه، وتلقوه من مشكاة النبوة، ولذلك كانوا أسوة بأخلاقهم وأعمالهم قبل أن يكونوا أسوة بأقوالهم، وكان الناس إذا رأوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأوا الإسلام والإيمان باديًا في تصرفاتهم؛ في أفعالهم، في حركاتهم وسكناتهم، فكان ذلك دافعًا أن يُقبلوا على الإسلام، وأن يدخلوا فيه أفواجًا، وأن يتسارعوا إلى الإقبال عليه. فكانت هذه مدرسة.

فلنُسلم دائمًا لتطبيق أحكام الإسلام، ولنأخذ بها حتى مع غير المسلم، فنتعامل معه برفق ولين؛ والله تعالى يقول: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: ٤٦]، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا إلَى اليمن قال: "إنَّك تأتي قومًا أهل كتاب … "، أخبره بأن الذين سيذهب إليهم أهل كتاب، أي: عندهم علم، وينبغي أن تتعامل معهم بحكمة وبروية، "فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله، فإذا أقروا بذلك سهل الأمر" (١).

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنَّما بعث بمكارم الأخلاق، وعائشة - رضي الله عنه - لما سئلت عن


= قضى صلاته انحرف فإذا هو برجلين في أُخرى القوم لم يُصَلِّيَا معه، فقال: عَلَيَّ بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: "ما منعكما أن تُصَلِّيا معنا"، فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا فى رحالنا، قال: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رِحَالكما، ثم أتيتما مسجدَ جماعة فَصَلِّيَا معهم، فإنها لكما نافلة"، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (١١٥٢).
(١) أخرجه البخاري (١٤٥٨) ومسلم (١٩/ ٣١) عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا - رضي الله عنه - على اليمن، قال: "إنَّك تَقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: عبادة الله، فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا، فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وتُرد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها، فخُذ منهم، وتَوَقَّ كرائمَ أموال الناس ".

<<  <  ج: ص:  >  >>