وبيان ذلك كالتالي: مذهب الأحناف، يُنظر: "بدائع الصنائع "، للكاساني (٧/ ٥٧)، حيث قال: "ولاية إقامة الحدود ثابتة للإمام بطريق التعيين، والمولى لا يساويه فيما شرع له بهذه الولاية، فلا يثبت له ولاية الإقامة استدلالًا بولاية إنكاح الصغار والصغائر؛ لأنها لما ثبتت للأقرب - لم تثبت لمن لا يساويه فيما شرع له الولاية، وهو الأبعد، وبيان ذلك أن ولاية إقامة الحد إنما ثبتت للإمام؛ لمصلحة العباد، وهي صيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم؛ لأن القضاة يمتنعون من التعرض خوفًا من إقامة الحد عليهم، والمولى لا يساوي الإمام في هذا المعنى؛ لأن ذلك يقف على الإمامة، والإمام قادر على الإقامة؛ لشوكته ومنعته وانقياد الرعية له قهرًا وجبرًا، ولا يخاف تبعة الجناة وأتباعهم؛ لانعدام المعارضة بينهم وبين الإمام، وتهمة الميل والمحاباة والتواني عن الإقامة منتفية في حقه فيقيم على وجهها، فيحصل الغرض المشروع له الولاية بيقين ". ومذهب المالكية، يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة"، للقاضي عبد الوهاب (ص: ١٣٩٦)، حيث قال: "للسيد أن يُقيم على عبده وأَمَتِه حَدَّ الزنا والشرب في الجملة، خلافًا لأبي حنيفة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم "، وقوله: "إذا زنَت أمة أحدكم فليحدها"، ولأن له أن يجلدها بحق الملك كالإمام، وهذا إذا كانت لا زوج لها، أو كان زوجها عبدًا للسيد، فأما إن كان لها زوج حر أو عبد لغير السيد فلا يقيم سيدها عليه الحد؛ لأن في ذلك تصرفًا في حق الغير وإبطال فراشه، ولا يد للسيد على ملك غيره ". وانظر: "المنتقى شرح الموطأ"، للباجي (١٤٦٣). ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب في دراية المذهب "، للجويني (١٧/ ٢١١)، حيث قال: "ومما يجب الإحاطة به: أن السلطان من أهل إقامة الحد على المملوكين، والسادة من أهل إقامة الحد عليهم، فلو جعلنا السيد من أهل الإقامة، فليس عليه مراجعة السلطان فيما فوَّضه الشرع إليه، وإذا لم يُقم السيد في بعض الصور، أقام السلطان، وإن ثبت الحدُّ، فابتدر السلطان وأقامه وقع الموقع ". وفي استثناء المكاتب، يُنظر: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب "، لزكريا الأنصاري (٢/ ١٩٢) حيث قال: "ويحد الرقيق "غير المكاتب" الإمام؛ لعموم ولايته، "أو السيد"، وهو أولى؛ لأنه أستر".=