للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (جِنَايَاتٌ عَلَى الأَبْدَانِ وَالنُّفُوسِ وَالأَعْضَاءِ؛ وَهُوَ المُسَمَّى قَتْلًا وَجَرْحًا).

هذا هو النوع الأول: الجناية على الأبدان والنفوس والأعضاء. وتنبّه إلى أنه لا يلزم من الجناية على البدن القتل؛ فلا يعامل من قطع يد إنسان أو رجله، أو جدع أنفه، أو شج رأسه، أو قلع ضرسه معاملة من أزهق النفس؛ ولذلك قال الله سبحانه: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ١٧٨]، ثم قال: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)} [البقرة: ١٧٨، ١٧٩]، لكن الظاهر من صنيع المؤلف أنه أدرج تلك الأنواع بعضها مع بعض؛ ولذا قال: "وهو المسمى قتلًا وجرحًا".

قوله: (وَجِنَايَاتٌ عَلَى الفُرُوجِ؛ وَهُوَ المُسَمَّى رنًا وَسِفَاحًا).

النوع الثاني: الجناية على الفروج وهي الزنا والسفاح.

وجاء النص على عقوبة الزنا بالنسبة للبكر في قول الله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] الآية، وأما الثيب: فحدّه الرجم، فمما نسخ تلاوة وبقي حكمه: آية: {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة} (١)، وجاء تفصيل ذلك مبينًا في


(١) انظر: "الناسخ والمنسوخ "، للمقري (ص: ٢١، ٢٢)، وفيه قال: "وَأما مَا نسخ خطه وَبَقِي حكمه؛ فَمثل مَا رُوِيَ عَن عمر بن الخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: "لَوْلَا أَن أخْشَى أَن يَقُول النَّاس قد زَاد عمر فِي القُرْآن مَا لَيْسَ فِيهِ، لكتبت آيَة الرَّجْم، وأثبتها فِي المُصحف، وَوَاللَّه لقد قرأناها على عهد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: لَا ترغبوا عَن =

<<  <  ج: ص:  >  >>