للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرق بين الآمر والمكرِه وبين المباشر والمكرَه، ولذا اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن يقتل المباشر دون الآمر، ويعاقب الآمر بعقوبة دون القتل؛ لأنه ما هدد القاتل ولا ألجأه، وبه قال جمهور العلماء كما حكاه المؤلف عن مالك والشافعي والثوري وأحمد وأبو ثور وجماعة.

القول الثاني: يقتلان جميعًا إن لم يكن هناك إكراه ولا سلطان، أو كأن يكون الآمر سَيِّدًا والمأمور عبدًا، وبه قالت طائفة من أهل العلم.

وأما إذا كان للآمر سلطانًا على المباشر للقتل، فقد اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يقتل الآمر دون المأمور، ويعاقب المأمور، وبه قال أبو داود وأبو حنيفة، والشافعي في أحد قوليه، وهو مروي كذلك عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة - رضي الله عنه - (١).


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٣٦٥)، حيث قال: "ونقل عنه أبو طالب، قال: يقتل الولي ويحبس العبد حتى يموت؛ لأن العبد سوط المولى وسيفه. كذا قال علي وأبو هريرة، وقال علي -رضي الله عنه-: "يستودع السجن "، وممن قال بهذه الجملة الشافعي وممن قال: "إن السيد يقتل ": علي وأبو هريرة".
أثر علي أخرجه ابن أبي شيبة (٩/ ٣٧١) عن علي: في رجل أمر عبده أن يقتل رجلًا؟ قال: "إنما هو بمنزلة سوطه، أو سيفه ".
وتعليله بذلك، يدل على أن هذا مذهبه في المكره أيضًا.
وأثر أبي هريرة أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٤٢٥) عن ابن جريج قال: "قلت لعطاء: "رجل أمر عبده أن يقتل رجلاً، قال: على الآمر سمعت أبا هريرة يقول: "يقتل الحر الآمر، ولا يقتل العبد، أرأيت لو أن رجلاً أرسل بهدية مع عبده إلى رجل؛ من أهداها؟ "، قلت: فأمر أجيره، قال: "أرى أجيره مثل عبده "، قلت: فأمر رجلاً حرًّا، أو عبدًا لا يملكه، وليسا بأجيرين، قال: "على المأمور إذا لم يملكهما، أو يكونا أجيرين "، قال عطاء بعد: "إن أمر حرًّا قتل المأمور الحر، ولم يبلغه في عبد غيره، ولا في الأجير شيء".
وأخرجه ابن أبي شيبة (٩/ ٣٧١) مختصرًا: عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة؛ في الرجل يأمر عبده فيقتل رجلًا، قال: يقتل المولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>