للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْبَنَاتِ وَلَا الأَخَوَاتِ قَوْلٌ مَعَ البَنِينَ وَالإِخْوَةِ فِي القِصَاصِ أَوْ ضِدِّهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ الأَمْرُ فِي الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ: (١) كُلُّ وَارِثٍ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي إِسْقَاطِ القِصَاصِ، وَفِي إِسْقَاطِ حَظِّهِ مِنَ الدِّيَةِ، وَفِي الأَخْذِ بِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الغَائِبُ مِنْهُمْ وَالحَاضِرُ وَالصَّغِيرُ وَالكَبِيرُ سَوَاءٌ، وَعُمْدَةُ هَؤُلَاءِ: اعْتِبَارُهُمُ الدَّمَ بِالدِّيَةِ، وَعُمْدَةُ الفَرِيقِ الأَوَّلِ: أَنَّ الوِلايَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلذُّكُورِ دُونَ الإِنَاثِ).

أي: إذا حصل العفو من البنات أو من واحدة منهن؛ هل يسقط القصاص أو لا؟ وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة أو الزوجات؟

فذهب مالك رحمهُ اللهُ إلى أنه ليس للبنات أو الأخوات قول مع البنين أو الإخوة، وهو الصحيح إذ لا دليل على التفريق، ولأن الولاية إنما هي للذكران دون الإناث.

وذهب أبو حنيفة والثوري والشافعي وأحمد إلى اعتبار قول كل وارث في إسقاط القصاص، أو في إسقاط حظه من الدية، وذلك لأنهم يعتبرون الدم بالدية، وأيضًا قاسوا هذه المسألة على مسألة النكاح، لكن يرد عليهم بأن النكاح وردت فيه نصوص خاصة كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" (٢)، وقوله: "لا تزوج المرأة


(١) ينظر الحاشية قبل السابقة؛ ففيها من نقل كلام المذاهب الثلاثة عدا مالكًا في أن عفو أي وارث يسقط القصاص.
وأما مذهب الثوري؛ فينظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ١٨٢)، حيث قال: "وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل: لكل وارث نصيبه من القصاص، ويجوز عفوه على نفسه، ولا يجوز على غيره في إبطال حقه من الدية والرجال، والنساء في ذلك كله عندهم سواء".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٨٥)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٦/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>