للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الوَرَثَةُ. وَقَالَ قَوْمٌ: يَجُوزُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ طَاوُسٌ (١) وَالحَسَنُ (٢). وَعُمْدَةُ الجُمْهُورِ: أَنَّهُ وَاهِبٌ مَالًا لَهُ بَعْدَ مَوْتهِ، فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا فِي الثُّلُثِ، أَصْلُهُ الوَصِيَّةُ. وَعُمْدَةُ الفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الدَّمِ فَهُوَ أَحْرَى أَنْ يَعْفُوَ عَنِ المَالِ، وَهَذِهِ المَسْأَلَةُ هِيَ أَخَصُّ بِكِتَابِ الدِّيَاتِ).

اختلف أهل العلم في عفو المقتول خطأً عن الدية إلى قولين:

القول الأول: أن عفوه في حدود الثلث إلا أن يجيزه الورثة، فاعتبروه داخلًا في الوصية، وهذا قول الجمهور؛ أبو حنيفة ومالك والشافعي وجمهور فقهاء الأمصار.

القول الثاني: أنه يجوز في جميع ماله، وبه قال طاوس والحسن.

- قوله: (وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ إِذَا عَفَا المَجْرُوحُ عَنِ الجِرَاحَاتِ، فَمَاتَ مِنْهَا هَلْ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُطَالِبُوا بِدَمِهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ (٣): لَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَفَوْتُ عَنِ الجِرَاحَاتِ وَعَمَّا تَؤُولُ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ،


= الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فهو عفو عن النفس) فلا يضمن شيئًا، وحينئذ (فالخطأ يعتبر من ثلث ماله) ".
(١) أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٨)، وابن أبي شيبة (٩/ ٣٢٣)، عن ابن طاوس، قال: قلت لأبي: "الرجل يقتل فيعفو عن دمه"، قال: "جائز"، قال: قلت: "خطأ، أم عمدًا؟ " قال: "نعم".
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٨)، وابن أبي شيبة (٩/ ٣٢٤)، عن الحسن؛ أنه كان يقول: "إذا عفا الرجل عن قاتله في العمد قبل أن يموت، فهو جائز"، وينظر هذا الموضع من المصنفين؛ ففيهما ذكر خلاف السلف في ذلك.
(٣) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٦/ ١٦٤)، حيث قال: "إن وقع الصلح على الجرح فقط: فحكمه ما تقدم، وإن مات من مرضه: لزم الصلح، وإن صالح عنه وعما يؤول إليه: لزم الصلح فلا كلام للأولياء".

<<  <  ج: ص:  >  >>