للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُحَمَّدٌ (١): إِذَا عَفَا عَنِ الجِرَاحَةِ وَمَاتَ فَلَا حَقَّ لَهُمْ، وَالعَفْوُ عَنِ الجِرَاحَاتِ عَفْوٌ عَنِ الدَّمِ. وَقَالَ قَوْمٌ (٢): بَلْ تَلْزَمُهُمُ الدِّيَةُ إِذَا عَفَا عَنِ الجِرَاحَاتِ مُطْلَقًا، وَهَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَلْزَمُ (٣) الجَارِحَ الدِّيَةُ كُلُّهَا، وَاخْتَارَهُ المُزَنِيُّ (٤) مِنْ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ (٥)، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَلْزَمُ مِنَ الدِّيَةِ مَا بَقِيَ مِنْهَا بَعْدَ إِسْقَاطِ دِيَةِ الجُرْحِ الَّذِي عَفَا عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ (٦) (٧)، وَأَمَّا مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَعْفُو عَنِ الدَّمِ؛ فَلَيْسَ يُتَصَوَّرُ مَعَهُ


(١) يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (١٣/ ١٣٦)، حيث قال: "وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك: فهو عفو عن النفس، ثم إن كان خطأ: فهو من الثلث، وإن كان عمدًا: فهو من جميع المال، وهذا عند أبي حنيفة رحمهُ اللهُ وقالا: إذا عفي عن القطع فهو عفو عن النفس أيضًا".
(٢) سيأتي ذكرهم مفصلًا.
(٣) سقط "الجراح" وليست في الأصل ولا في (مح) ولا في (س) ولا في (م)، واستدركناه من (ت).
(٤) يُنظر: "مختصر المزني" (٨/ ٣٤٩)، حيث قال: " (قال الشافعي رحمهُ اللهُ: " … ولو قال: قد عفوت عنها وما يحدث منها من عقل وقود ثم مات منها: فلا سبيل إلى القود؛ للعفو" ونظر إلى أرش الجناية، فكان فيها قولان:
أحدهما: أنه جائز العفو عنه من ثلث مال العافي كأنها موضحة؛ فهي نصف العشر، ويؤخذ بباقي الدية.
والقول الثاني: أن يؤخذ بجميع الجناية؛ لأنها صارت نفسًا، وهذا قاتل لا يجوز له وصية بحال".
قال المزني رحمهُ اللهُ: "هذا أولى بقوله؛ لأن كل ذلك وصية لقاتل فلما بطل بعضها بطل جميعها، ولأنه قطع بأنه لو عفا والقاتل عبد جاز العفو من ثلث الميت".
(٥) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٣١٣)، حيث قال: " (وتجب الزيادة عليه)، أي: على أرش العضو (إلى تمام الدية) للسراية، وإن تعرض في عفوه لما يحدث؛ لأنه إسقاط للشيء قبل ثبوته وهو باطل، (وفي قول: إن تعرض في عفوه) عن الجناية (لما يحدث منها سقطت الزيادة) بناءً على المرجوح؛ وهو صحة الإبراء عما لم يجب إذا جرى سبب وجوبه".
(٦) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٥/ ١٤٦)، حيث قال: "وقال الثوري: إذا عفا عن الجراحة ثم مات لم يقتل، ويعقل بما فضل من الدية".
(٧) وهو مذهب أحمد أيضًا. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ١٨٨)، حيث قال: "وإن قطع =

<<  <  ج: ص:  >  >>