للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافٌ فِي أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ ذَلِكَ طَلَبَ الوَلِيِّ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَفْوُهُ عَنِ الدَّمِ لَا ئسْقِطُ حَقَّ الوَلِيِّ، فَأَحْرَى أَنْ لَا يُسْقِطَ عَفْوَهُ عَنِ الجُرْحِ).

خلط المؤلف بين مسألتين في باب الجراحات، والأولى التفصيل، وذلك أن الجراحات إما أن تكون مما يشىرع فيها القصاص، وإما مما لا يجب فيها القصاص.

فإن كان مما يشرع فيها القصاص: فجمهور العلماء على القول بجواز العفو.

وأما إن كان مما لا يجب فيها القصاص ثم سرت بعد ذلك إلى النفس: فذهب بعض العلماء إلى أن لأولياء القتيل المطالبة بالقصاص، أو الدية، أو العفو.

وأما قول مالك: "لهم ذلك إلا أن يقول عفوت عن الجراحات وعما تؤول إليه" فهذا في الجراحات التي لا قصاص فيها (١).


= إصبعًا عمدًا فعفا عنه، ثم سرت إلى الكف أو إلى النفس، والعفو على مال أو على غير مال: فله تمام دية ما سرت إليه، وإن كان الجرح لا قصاص فيه -كالجائفة- فعفا عن القصاص ثم سرى إلى النفس: فلوليه القصاص؛ لأنه لا يصح العفو عن قود ما لا قود فيه، وله بعد السراية العفو عن الفصاص، وله كمال الدية".
(١) ظاهر ما في كتب المالكية خلاف ذلك. يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٩/ ٨٥)، حيث قال: "وإن عفا عن جرحه أو صالح فمات … إلخ، نحوه في "المدونة" فيمن قطعت يده فعفا ثم مات، أبو الحسن: إن قال: عفوت عن اليد لا غير فلا إشكال، وإن قال: عن اليد وما ترامى إليه من نفس أو غيره: فلا إشكال".
لكن الخلاف ثابت فيما فيه القصاص، بخلاف ما لا قصاص فيه. يُنظر: "تحرير الكلام في مسائل الالتزام" للحطاب (ص ٣١٦)، حيث قال: "وقع الخلاف فيما إذا صالح عن الجرح وما ترامى إليه، وكان الجرح من جراح العمد التي فيها القصاص فظاهر "المدونة" الجواز، ونص عليه ابن حبيب في الواضحة، ونص ابن القاسم في "العتبية" على المنع قال في "البيان": "والجواز أظهر؛ لأنه إذا كان للمقتول أن يعفو عن دمه قبل موته؛ جاز أن يصالح عنه بما شاء"، وأما جراح العمد التي لا قصاص فيها: فلا يجوز فيها الصلح على ذلك، قال في "البيان": "لا أعلم فيها نص =

<<  <  ج: ص:  >  >>