للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحد طالما هو فيه، ولكن يضيق عليه فيه حتى يخرج فيقام عليه القصاص أو الحد.

وروي عن أحمد في غير المشهور عنه: التفريق بين الحد وبين القصاص (١).

وذهب مالك والشافعي إلى أنه: يقام عليه القصاص والحد في الحرم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الحرم لا يعيذ عاصيًا" (٢)، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل ابن الأخطل وهو متعلق بأستار الكعبة (٣).


= ولكن لا يبايع، ولا يشاري، ولا يطعم، ولا يسقى، لا يؤاكل، ولا يشارب، ولا يجالس، ولا يؤوى، ويهجر فلا يكلمه أحد حتى يخرج، لكن يقال له: اتق الله واخرج إلى الحل".
(١) يُنظر: "الكافي في فقه الإمام أحمد" لابن قدامة (٣/ ٢٧٨)، حيث قال: "وروى حنبل عنه: أن الحدود كلها تقام في الحرم، إلا القتل".
(٢) هذا القدر ليس حديثًا، وإنما هو من كلام عمرو بن سعيد. أخرج البخاري (١٨٣٢)، ومسلم (١٣٥٤) عن أبي شريح العدوي، أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: "ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للغد من يوم الفتح، فسمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به، إنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقولوا له: إن الله أذن لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب" فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيًا، ولا فارًّا بدم، ولا فارًّا بخربة"، خربة: بلية.
فليست من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد غفل بعض من تقدم فظنها حديثًا، فانبرى لذلك الموفق ابن قدامة، وقال في "المغني" (٩/ ١٠٢): "وما رووه من الحديث؛ فهو من كلام عمرو بن سعيد الأشدق يرد به قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين روى له أبو شريح هذا الحديث، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحق أن يتبع".
(٣) أخرجه البخاري: (١٨٤٦)، ومسلم (١٣٥٧)، ولفظه: عن أنس بن مالك، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر، فلما نزعه جاءه رجل، فقال: ابن خطل متعلق باستار الكعبة، فقال: "اقتلوه".
والمقتول: "ابن خطل"، وليس "ابن الأخطل".

<<  <  ج: ص:  >  >>