للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُستَوفٍ له، ولذلك رفعت الشريعةُ العقوبةَ فقال عليه الصلاة والسلام: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ" (١).

* قوله: (وَمَنْ غَلَّبَ عَلَيْهِ شِبْهَ الْخَطَإِ أَوْجَبَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا إِذَا اشْتَرَكَ فِي الْقَتْلِ عَامِدٌ وَصَبِيٌّ).

كذلك عامدٌ ومجنونٌ.

هنا عامد يُقصدُ به المكلَّفُ؛ لأنَّ الصبيَّ قد يكون عامدًا، لكن هنا لما ذكر الصبيَّ، فالذي يُقابله هو المكلَّفُ، إذنْ هناك إنسانٌ مكلَّفٌ لو انفرد بالقتل متعمِّدًا؛ فإنَّه يُقتلُ إلَّا أنْ يُعفى عن ذلك إلى بدلٍ، أو غير بدلٍ، فإذا ما اشترك صبيٌّ وكذلك إنسانٌ مكلَّفٌ عامدٌ في القتل .. فما الحكم هنا؟

قد عرفنا أن الصبيَّ لا يُقتصُّ منه، وبأنَّ هناك مَنْ يرى -وهم الجمهور -أنَّ الدِّيةَ فيه على عاقلته، والشافعيُّ يرى أنَّها في ماله، وإنْ اختلف الشافعيةُ- ليس كل الشافعية مع إمامهم في هذه المسألة -لكن هنا نأتي إلى العامد، هل العامد تختلف معه بين أن ينفرد بالقتل وبين أن يكون مع غيره ممن لا يلزمه القتل أو لا؟

سبق أن أشرنا إلى مثل ذلك ومرَّ بنا ما يُشبِهُهُ، وأنَّه لو كان لا يُقامُ القصاصُ على العامد في مثل هذه الحالة، لكانت ذريعةً إلى أن يتلبَّسَ كثيرٌ من الجُناة والمجرمين بمثل ذلك، فيأتوا بغير مكلَّفين فيشركوهم في القتل؛ حتى لا يُقام عليهم القصاص، إذنْ في هذه الحالة جماهير العلماء (٢) يقولون: "يُقتص من العامد".


(١) أخرجه أبو داود (٤٤٠٠)، وصححه الألباني في "المشكاة" (٣٢٨٧).
(٢) مذهب الحنفية والحنابلة أنه لا يجب عليهما قصاص.
يُنظر، "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٢٣٥)؛ حيث قال: "ولو اشترك اثنان في قتل رجل، أحدهما ممن يجب القصاص عليه لو انفرد، والآخر لا يجب عليه لو انفرد=

<<  <  ج: ص:  >  >>