للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن حديث جبير بن مطعم ليس نصًّا في المسألة، ولكنه حلف النصرة التي كانت في الجاهلية بين المتحالفين.

* قوله: (أَنَّهُ قَالَ: "لَا حِلْفَ (١) فِي الإِسْلَامِ") (٢).

كان في الجاهلية حلف سمي بحلف النصرة، وهو أن يأتي إنسان إلى آخر فيتحالفان على أن يكون بينهم تناصر وتوارث.

* قوله: (وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَا يَزِيدُهُ الإِسْلَامُ إِلَّا قُوَّةً").

وإن الحلف الذي يزيده الإسلام قوة هو الذي لا يتعارض مع تعاليم الإسلام، أما الذي يتعارض مع أحكام الإسلام ويخرج عليها فهو باطل.

والعقود قبل الإسلام والعقائد والأخلاق كانت كثيرة، ومنها ما هو صالح، ومنها ما هو طالح، وحين جاء الإسلام لم يقرها كلها ولم يلغها، وإنما نظر بعين العدل إليها إما مقرًّا لها باعتبارها مضت مع تقرير ما يجب أن يكون عليه كعقد النكاح، وفي هذا قال الله تعالى: ({قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨]). أو باعتبارها خلقًا حميدًا كالشجاعة والإقدام والمضاربة التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- مع خديجة، التي صارت بعد ذلك زوجه وأم المؤمنين، وفي هذا يقول الرسول: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ"، وإما ملغيًا لها كالعقائد الباطلة والأخلاق الفاسدة، فتلك أمور تتنافى مع الدّين الحنيف. والإسلام دين عدل ولا يرضى بالظلم والاستعباد والاستغلال، ولهذا نهى عن الربا


(١) لا حلف، أي: لا عقد ولا عهد على خلاف أمر الإسلام، وكانوا يتحالفون ويتعاقدون في الجاهلية على مغالبة بعضهم بعضًا، وفي كل ما يعن لهم، فهدم الإسلام ذلك، وإنما المحالفة والمعاقدة في الإسلام على إمضاء أمر الله واتباع أحكام الدين والاجتماع على نصر من دعا إليها. انظر: "تفسير غريب ما في الصحيحين" للحميدي (ص: ٢٥٦).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>