للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقمر؛ لأن عادة الناس أنهم إذا رأوا الهلال صرخوا بأصواتهم متنادين ومنبهين، وكذلك هذا الصبي حين خرج من الظلام إلى النور استهل صارخًا.

وحديثا الرسول السابق ذكرهما نص في هذا، والحديث الأخير يذكرنا بالشيطان وإغواءاته؛ حيث يجلس للإنسان في كل مرصد حتى وهو في بطن أمه، وإذا خرج خرج معه ليتخذه جنديًّا من جنوده.

ومن رحمة الله لعباده أن يسر لهم سبل التحصن من الشيطان بدءًا من كونه نطفة؛ حيث أرشد والديه أن يستعيذا بالله من الشيطان الرجيم في لقائهما، ثم إذا ولد أُذِّنَ وَأُقِيمَ في أذنيه، وإذا عقل يعوذ بالله من شرور الشيطان، فهو لا يترك الإنسان إلا إذا مشى في طريقه حتى يضمن اتباعه له. وقد بيَّن الله أن قوة الشيطان وسلطانه على الذين يتولونه، أما عباد الله فليس له سلكان عليهم وكيده ضعيف.

وأكثر ما يزعج الشيطان هو التوبة؛ لأنه يظل زمنًا طويلًا يغوي الإنسان ويزين له الشهوات حسنًا، ثم إذا أناب العبد إلى الله وتاب توبة نصوحًا غفر الله له، وربما بدل سيئاته حسنات.

وباب التوبة مفتوح، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فما أجمل أن يبادر المسلم إذا وقعت منه هفوة إلى التوبة والاستغفار، فيفلح. وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَالثَّوْرِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ) (٣).


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" (٨/ ١٧٢)؛ حيث قال: "قال الشافعي وأبو حنيفة بأي وجه علمت حياته من حركة أو صياح أو بكاء أو عطاس ورث".
(٢) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (٣٠/ ٥١)؛ حيث قال: "والعطاس دليل حياته بمنزلة الاستهلال وتحرك بعض الأعضاء".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٧٧)؛ حيث قال: "الثوري وأكثر الفقهاء إذا علمت حياته بحركة أو عطاس أو استهلال أو رضاع أو غير ذلك ميا يستيقن به حياته ثم مات، ففيه الدية".

<<  <  ج: ص:  >  >>