للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد. إلا أنه يخالفهم في الحركة فقط (١).

على أن الاستهلال من جملة أدلة هؤلاء أيضًا، والفرق بينهم وبين المالكية أن المالكية اعتبروا الاستهلال نصًّا ودليله الدامغ، أما هؤلاء فيزيدون على الاستهلال أدلة أُخرى.

* قوله: (كُلُّ مَا عُلِمَتْ بِهِ الْحَيَاةُ فِي الْعَادَةِ مِنْ حَرَكَةٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ تَنَفُّسٍ).

والحنابلة يرون أن الحركة ليست دليلًا قطعيًّا؛ لجواز أن تكون نتيجة ضغط الخروج من الضيق أو انقلاب، أو غير ذلك من عوامل التحريك.

* قوله: (فَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْحَيِّ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ).

وفي هذا دلالة على كمال هذه الشريعة وسموها وعزتها وشمولها، فقد اهتمت بالإنسان بدءًا من الاختيار الصحيح بين الأبوين والالتزام بمبادئ الإسلام في علاقتهما، حتى إذا رزقهما شيئًا (جنينًا) تراعيه الشريعة وترعاه في كل مراحله في بطن أمه: نطفة، وعلقة، ومضغة، إلى أن يكتمل نموه فتضعه أمه.

وبعد الوضع فإن الوالدين مكلفان بتربية ابنهما تربية سليمة قائمة على منهج الإسلام وتوجيهه للخير، كأمره بالصلاة، والحضور إلى المسجد، والالتزام في مجالسى العلم. والعلماء الأعلام الصالحون كانوا يعنون بأبنائهم عناية فائقة، فهذا الإمام أحمد إمام دار السلام صاحب المواقف العظيمة الذي نافح ووقف وأوذي في سبيل الدفاع عن كتاب الله؛ كان إذا جاءه أحد الصالحين أرسل أبناءه إليه يلازمونه للاستفادة من سيرته الطيبة، وكان يفعل مثل هذا إذا زاره الإمام الشافعي.

ولا شك أن في اصطحاب الأب ابنه إلى مجالس العلم والذكر خيرًا


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٤١٤)؛ حيث قال: "وأما الحركة والاختلاج المنفرد، فلا يثبت به حكم الحياة؛ لأنه قد يتحرك بالاختلاج وسبب آخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>