للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضاء عمر هذا حجة لجمهور العلماء من حيث الجملة على أن الثلاثة ضامنون. وعند التفصيل فيه اختلاف بينهم، فلنتنبه.

• قوله: (وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (١): لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ فِي جُرْحِ الْعَجْمَاءِ. وَاعْتَمَدُوا الَأثَرَ الثَّابِتَ فِيهِ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ") (٢).

وهذا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وهو أيضًا في السنن (٣)، وفي مسند أحمد (٤).

وللحديث مدلولات، وأخذ منه العلماء كثيرًا من الأحكام.

و (العجماء) هي البهيمة، وسميت عجماء؛ لأنها لا تتكلم. ويقال هذا لكل من لا يتكلم أو لا يبين. و (جبار)، أي: هدر.

وهذا الحديث ليس على إطلاقه، وإنما هو خاص بالعجماء التي انفلتت دون تقصير من صاحبها، فهذه العجماء إذا أصابت إنسانًا أو مالًا وأتلفته، فإنه جبار لا ضمان فيه.

و (المعدن) مثل حفر الإنسان حفرة ليستخرج منها معدنًا من المعادن، شريطة أن تكون الأرض أرضه، أو يكون هو من يحييها، فإذا سقط فيها


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١١/ ٨٨)؛ حيث قال: وأما السائق، فإن حملها بضرب أو نخس أو زجر على شيء ما، فإن عمد فالقود والضمان، وإن لم يعمد فهو قاتل خطأ، كما قلنا، فإن لم يحملها على شيء، فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يباشر، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جرح العجماء جبار".
(٢) أخرجه البخاري (١٤٩٩)، ومسلم (١٧١٠).
(٣) أخرجه أبو داود (٤٥٩٣)، والترمذي (٦٤٢) والنسائي (٢٢٨٨)، وابن ماجه (٢٥٠٩) مختصرًا.
(٤) أخرجه أحمد (٧١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>