للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسان فمات، فهو جبار لا ضمان فيه، ذلك أن الحافر في أرضه، والساقط هو الذي دخل في أرض غيره.

وفي هذا المقام، فلو أن إنسانًا استعمل عمالًا لاستخراج معادن من المناجم فخَرَّ عليهم السقف فماتوا، فلا ضمان.

و (البئر جبار) فيما لو أن ربها فطرها في أرضه أو في أرض غيره بإذن منه، فوقع فيها إنسان فهلك. أما لو أنه حفرها في أرض غيره بغير إذن منه أو حفرها في الطريق العام، فإنه في هذه الحالة يضمن.

ومن العلماء (١) من يفرق بين الطريق الواسع والضيق، فإذا كان الطريق واسعًا فحفرت لانتفاع المسلمين فلا ضمان، أما إذا كان الطريق ضيقًا فحفرت في الوسط، فإنه يضمن. وليس هذا خاصًّا بما ورد في الحديث فقط، بل لو وضع إنسان حديدة أو حجرًا أو صنع جسرًا في الطريق العام، فسقط إنسان، وانكسر، فإنه في هذه الحالة يضمن.

وشريعتنا الإسلامية تضع أصولًا وتلحق بها الفروع.

و (الركلاز الخمس) الركاز هنا فُسِّرَتْ بأنها المعدن، وفُسِّرَتْ بغير ذلك.


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٢/ ٣٧٤) حيث قال: "وأما القسم الرابع وهو أن يحفرها في طريق سابل: فهذا على ضربين؛ أحدهما: أن يضر حفرها بالمارة فيصير متعديًا، ويلزمه ضمان ما سقط فيها، سواء أذن له الإمام أو لم يأذن! لأن إذن الإمام لا يبيح المحظورات. والضرب الثاني: أن لا تضر بالمارة؛ لسعة الطريق وانحراف البئر عن جادة المارة، فهذا على ضربين؛ أحدهما: أن يحفرها ليتملكها فهذا محظور؛ لأنه لا يجوز أن يتملك طريق السابلة فيلزمه ضمان ما سقط فيها. والضرب الثاني: أن يحفرها للارتفاق لا للتمليك، فإن لم يحكم رأسها وتركها مفتوحة ضمن ما سقط فيه".
ويُنظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٤٢٤)؛ حيث قال: "وإن فعل شيئًا من ذلك في طريق ضيق، فعليه ضيان من هلك به؛ لأنه متعدٍّ. وسواء أذن له الإمام فيه، أو لم يأذن؛ فإنه ليس للإمام الإذن فيما يضر بالمسلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>