للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواعٌ، فقَدْ يَكُون الوُضُوءُ لصَلَاةٍ وَاجِبَةٍ، أو صلاةٍ غير واجبةٍ (١).

القياس الثَّانِي: قياس الطَّهارة على الصَّلاة: حيث قال الجُمْهور: إذا كانت الصلاة تقوم على أركانٍ وشروطٍ، وتُشْتَرَط فيها النيَّة، فإنَّ الطَّهارةَ كَذَلك تقوم على أركانٍ وشروطٍ، ولذا فإنها تُشْتَرَط فيها النيَّة كالصَّلاة (٢).

استدلالات الحنفيَّة: وَقَد استدل الحنفيَّة أيضًا على مذهبهم بالكتاب والسُّنَّة والقياس.

أما الكتاب، فاستدلُّوا بأنَّ الله تَعالَى لم يَذكُر النيَّة بين فَرَائض الوُضُوء في قَوْله تَعالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦]، وقالوا: لو كانت النية شرطًا في صحة الوضوء لَذَكَرَهَا الله تعالى في الآية التي جمعَت فرائض الوضوء.

وقد ردَّ الجُمْهُورُ على استدلال الأحناف بهذه الآية، فَقَالوا: نَحْن لا نُسَلِّمُ لَكم هذا الاستدلالَ، لأنَّ الآيةَ بها ما يُشْعِرُ بِذِكْرِ النيَّة، فقَوْل اللهِ تَعالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} يَعْني: للصَّلاة، ومعنى "للصَّلاة"، أن هذا هو معنى النيَّة (٣).


(١) يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ١٢١) حيث قال: "لو نوى صلاةً بعينها، ثم عزبت عنه نية الصلاة الَّتي قام لها بعينها، وثبتت نيته على أداء صلاة عليه في ذلك الوقت؛ إما صلاة في وقتها، وإما صلاة فائتة، لم تجز هذه الصلاة".
(٢) مذهب المالكية، يُنظر: "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (١/ ١١٦)، حيث قال: "ولأنها عبادةٌ منفردةٌ بها؛ كالصلاة والصوم".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "النجم الوهاج" للدميري (١/ ٣١٥) حيث قال: "فيصح فيها الوضوء قياسًا على الصلاة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ١٩١) حيث قال: "الخلاف مبنيٌّ على أن الطهارةَ لا تتبعَّض في النقض، وإن تبعَّضت في الثبوت، كالصلاة والصيام".
(٣) مذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٣٠) حيث قال: "واستدل أيضًا بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} لأنه وجه الاستدلال، وأن الله تعالى أَمرَ بالوضوء لأجل الصلاة، ولا معنى للنيَّة إلا فحل أمر لأجل فعل أمرٍ آخر". =

<<  <  ج: ص:  >  >>