للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا السُّنَّة: فَمَا وَرَدَ عن أُمِّ سَلَمة - رضي الله عنها - أنَّها قالت: قُلْتُ: يا رَسُولُ الله، إنِّي امرأةٌ أشدُّ ضفرَ رأسي، فأنقضُهُ لغسل الجنابة، فَقَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا، إنما يَكْفِيكِ أن تحثي على رأسك ثَلَاث حثياتٍ، ثمَّ تفيضي عَلَيك المَاء فتطهري" (١).

وَقَالُوا: إنَّ الرَّسُولَ - علَيه الصَّلاة والسَّلام - لم يَذكُر النيَّة هاهنا بالرَّغم من أنَّ أُمَّ سلمة كانت بحَاجَةٍ للبيان؛ حيث إنها كانت تجهل ما يتعلق بنقض الضَّفائر، فَذَكَرَ لها كيفية الغُسْل، ولم يَذكُر النيَّة، ولو كانت النيَّة شرطًا لبيَّنَها لها (٢).

وقد ردَّ الجمهور على الاستدلال بهذا الحديث، فقالوا (٣): إنَّ أُمَّ سلمة لم تسأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا عن نقض ضفائر رأسها، ولذلك أجابها


= ومَذْهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ٨٨) حيث قال: "وقَالَ تَعالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، ومنها دَليلَان:
أحدهما: أنَّ قولَه: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، يَعْني: للصَّلاة، فحذف ذكرها اكتفاءً بما تقدَّم منه كما يُقَال: إذا رأيت الأمير فقُمْ، يعني: للأمير، وإذا رأيت الأسد فتأهب، يعني: للأسد، ومثله قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، يعني: للسرقة.
والثاني: أن قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا}، يعني: قبل قيامكم، فَاغْسِلُوا وُجُوهَكم لإرَادة الصلاة".
ومَذْهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٨٣) حيث قال: "والآية حجةٌ لنا؛ فإن قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، أي: للصلاة".
(١) أخرجه مسلم (٣٣٥).
(٢) يُنظر: "المجموع" للنووي (١/ ٣١٣)، حيث قال: "واحتجَّ لهؤلاء بقَوْل الله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سلَمَة - رضي الله عنها -: "إنَّما يَكْفيك أن تحثي على رأسكِ ثلاث حثياتٍ من مَاءٍ، ثمَّ تفيضي علَيك الماء، فإذا أنتِ قد طهرت"، وبأحاديثَ كَثِيرَةٍ في الأمر بالغسل من غير ذِكْرٍ للنيَّة، ولو وجبت لذكرت".
(٣) يُنظر: "المجموع" للنووي (١/ ٣١٥)، حَيْثُ قَالَ: "الثالث عن حديث أُمِّ سلَمة أنَّ السؤال عن نقض الضفائر فقط هل هو واجبٌ أم لا، وليس فيه تعرضٌ للنية".

<<  <  ج: ص:  >  >>