للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ الأمرَ لا يحتاج إلى ذَلكَ، وإنَّما يكفيها أن تحثي الماء على رأسها ثلاث مرات، ثمَّ تفيض الماء على سائر بدنها، وهناك أمورٌ أُخرى معروفةٌ في الغسل لم يَشْمَلها هذا الحديث، فَعَدَمُ ذِكْرِ النيَّة في إجابة النبي - علَيه الصلاة والسلام - لا يعني عَدَم اشتراطها.

وأما القيَاس، فمن ذلك:

القياس الأول: قياس الوضوء على إزالة النجاسة: حيث قالوا: إنَّ الوضوء طهارةٌ بمائعٍ كإزالة النجاسة، وإزالَةُ النجاسة لا تُشتَرَط فيها النيَّة، ولهذا لم تُشتَرَط النيَّة في الوضوء (١).

القياس الثاني: قياس الذميَّة التي تحت مسلم (٢): أن الذمية إذا حاضت ثمَّ انقطع حيضها، كان عليها - على مذهب الجمهور - أَنْ تنوي الطهارة، وتَغْتسل من هذا الحيض، ثمَّ يَجُوز لزوجها المسلم حِينَئذٍ أن يطأَهَا، بالرُّغم من أن النيَّة في الأصل لا تَصحُّ من غير المُسْلم.

ردُّ الجمهور على القياس الأول (٣): أن هناك فرقًا بين الأمرين،


(١) يُنظر: "المبسوط " للسرخسي (١/ ٧٢) حيث قال: "ولأنَّها طهارة بالماء، فكانت كغسل النجاسة، وتأثير ما قلنا: إنَّ الماءَ مطهرٌ في نفسه، والحدث الحكمي دون النجاسة العينيَّة، فإذا عمل الماء في إزالة النجاسة العينية بدون النية، ففي إزَالَة الحدث الحكمي أَوْلَى ".
(٢) يُنظر: " الحاوي " للماوردي (١/ ٨٨)، حَيْثُ قال: " قالوا: ولأن النيَّة لو كانت من شروط صحة الطهارة، لمَا صحَّ غسل الذميَّة من الحيض، ولما استباح الزوج المسلم وَطْأَها، وفي إجْمَاعهم على صحَّة غَسْلها، وجواز وطئها، دليلٌ على أن النية ليست شرطًا في صحة طهارتها ".
يُنظر: " كشاف القناع " للبهوتي (٥/ ١٩٠) حيث قال: " (ولَا تَجب النيَّة) في غسل الذميَّة للعذر، (ولا) تجب أيضًا (التسمية في غسل ذمية) كالنية، هَذَا أحد الوجهين، وصوبه في " الإنصاف " و" تصحيح الفروع ".
(٣) يُنظر: " الحاوي " للماوردي (١/ ٩٠) حيث قال: " وأمَّا الجواب عن قياسهم على إزالة النجاسة، فمن ثلاثة أوجه:
أحدها: أنَّ قوله: طهارة بالماء، لا تأثيرَ له في الأصل … وإذا لم يكن له تأثير في الأصل، سقط اعتباره، وانتقضت النية بالتيمم.=

<<  <  ج: ص:  >  >>