للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإمام أحمد (١) أيضًا.

قالوا: يتحمل كل واحد منهما دية الآخر، وتكون الدية على العاقلة بمعنى يتحملها.

• قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢)، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ (٣): عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الطَّبِيبَ إِذَا أَخْطَأَ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ).

الإمام الشافعي يرى أن على كل واحد منهما على الآخر نصف دية - لا دية كاملة كما يرى الجمهور - باعتبار أن كل واحد منهما قتل من فعل نفسه وفعل صاحبه.

وشريعة الإسلام وفقهاؤنا - رحمهم الله - كانوا على دقة متناهية وهم يتناولون مسائل العلم بالدراسة والبحث والتحقيق، فعنوا بأمور قد نراها نحن يسيرة، لكنها كبيرة حيث تحدثوا عن الدابة الموقوفة والدابة المتحركة وكذلك الآبار ووضع الحجارة أو الحديد أو بناء جسر أو رمي قشر بطيخ أو موز في طريق عام يؤذي الناس، فلو مات بسببه إنسان ضمن الرامي.

فالشريعة لم تغادر صغيرة ولا كبيرة في الحياة إلا أحصتها، وهي تتسع لكل المستجدات والنوازل.

وكما قلنا فإن الشريعة تضع أصولًا، ثم تلحق بها الفروع والمتشابهات، فحديث العلماء عن الدابة يجعلنا نستطيع أن نلحق بها


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ١٩١)؛ حيث قال: "وإذا اصطدم الفارسان، فماتت الدابتان، ضمن كل واحد منهما قيمة دابة الآخر". وجملته أن على كل واحد من المصطدمين ضمان ما تلف من الآخر، من نفس أو دابة".
(٢) يُنظر: "المهذب" للشيرازي (٣/ ٢٠٧)؛ حيث قال: "إن اصطدم فارسان أو راجلان وماتا، وجب على كل واحد منهما نصف دية الآخر".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ١٤٧)؛ حيث قال: "وقال عثمان البتي وزفر والشعبي في الفارسين إذا اصطدما فماتا على كل واحد منهما نصف دية صاحبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>