للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيارات والقطارات والدراجات والطائرات التي لم تكن معروفة في عصور الإسلام الأولى، مع الأخذ في الاعتبار أن للدابة شيئًا من الإدراك خلافًا لهذه الجمادات التي يتحكم فيها قائدها، وإن كان من الوارد أن يحصل فيها خلل فنى يفقد صاحبها السيطرة، فيكون بذلك إن أصابت إنسانًا وأتلفته من قبيل الخطأ.

• قوله: (مِثْلَ أَنْ يَقْطَعَ الْحَشَفَةَ (١) فِي الْخِتَانِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) (٢).

هناك طبيب وهناك متطبب، فالطبيب هو العالم بالطب، والمتطبب هو الذي يحاول أن يعالج الناس، وليس على علم ومعرفة بذلك، وربما يكون علمه ضعيفًا. وفي كل مجال من المجالات هناك متطفلون ومُدَّعُونَ.

فإذا كان هناك طبيب ومتطبب، فإن هناك ميكانيكيًّا ماهرًا وآخر غير متمكن، ولا شك أن غير المتمكن سيلحق ضررًا بالسيارة أو الدراجة أو القطار، وفي هذه الحالة فإنه يضمن. ولكن الحديث هنا عن الطبيب فأمره خطير؛ لتعلقه بحياة الناس، فلو ادعى إنسان بمعرفة الختان ثم قطع الحشفة، فإنه يضمن، وقد جاء في ذلك حديث عن رسول الله.

• قوله: (لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَانِي خَطَأً. وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) (٣).


(١) الحشفة: رأس الذكر التي فوق موضع الختان. انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ٣٩١).
(٢) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٧/ ٤٤٦)؛ حيث قال: "وإذا ختن الختان فأخطأ، فقطع الذكر أو الحشفة، أو بعضها، فعليه عقل ما أخطأ به، تعقله العاقلة. هذا قول كل من حفظت عنه من أهل العلم".
(٣) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (٩/ ٣٤٨): "سئل مالك عن طبيب عالج رجلًا فأتى على يديه فيه، قال: إن كان الطبيب ليس له علم، ووجد بينة أنه دخل في ذلك ظلمًا وجرأة، وأنه ليس ممن يعمل مثل هذا، وليست له به معرفة، فأرى أن يستأذن عليه، قال عيسى: غر من نفسه أو لم يغر، ذلك خطأ، وديته على عاقلته".

<<  <  ج: ص:  >  >>