للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الله -سبحانه وتعالى- حرَّم مكة يوم خلق السماوات والأرض (١)، وذكر ذلك رسول الله وقال: "وإني حرمت المدينة" (٢)؛ فمكة ليست كغيرها، ومن هنا قال بعض العلماء (٣): إن من قتل في الحرم أو في الشهر الحرام أو قتل ذا محرم أو قتل محرمًا متلبسًا بتلك العبادة مقبلًا على الله تعالى معرضًا عما سواه طائعًا لله منيبًا إليه بالزيادة أو التشديد فيها.

• قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ (٤)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٥)، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى) (٦).

الشهر الحرام، أي: داخل الأشهر الحرم المعروفة.

ومن العلماء من قال: "إن للمكان والزمان حرمتيهما، وأن من تعدى فقتل في البلد الحرام أو في الشهر الحرام، فإنه يعاقب بتغليظ الدية".

وإن كان من العلماء من يرى مكة هي التي لها الحرمة، فإن الإمام الشافعي يرى المدينة المنورة أيضًا كذلك (٧).


(١) أخرجه البخاري (١٨٣٣) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله حرم مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها، إلا لمعرف".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٢٩) ومسلم (١٣٦٠) عن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة".
(٣) سيأتي تفصيل ذلك المسألة التالية.
(٤) يُنظر: "المدونة" لمالك (٤/ ٥٥٨) حيث قال: "لا تغلظ الدية في الشهر الحرام. قال: ولا تغلظ الدية على من قتل خطأ في الحرم".
(٥) يُنظر: "النتف في الفتاوى" للسغدي (٢/ ٦٦٦)؛ حيث قال: "وأما التغليظ، فإنما يجب إذا ختله متعمدًا بغير سلاح، ويمكن أن يعيش من ذلك الضرب، فيكون في ذلك الدية المغلظة في قول أبي حنيفة وأصحابه".
(٦) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٥/ ٩١)؛ حيث قال: "قال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى ومالك: إن القتل في الحل والحرم سواء فيما يجب به من الدية أو القود".
(٧) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٢/ ٢١٩)؛ حيث قال: "وأما اعتبارهم حرم مكة =

<<  <  ج: ص:  >  >>