للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي وأحمد (١) وأصحابهما قالوا بالتغليظ وبينوا كيفيتها، فقال بعض: "تغلظ دية ذات الثلث"؛ ويستدلون بقصة المرأة التي وطأت في الطواف (٢)، فكانت ديتها ثمانية آلاف بمعنى ستة آلاف - وهو نصف دية الرجل عند من يقول: "إن الدية الكاملة اثنا عشر ألفًا - زائد ألفان تغليظًا".

وجاء عن عبد الله بن عمر (٣) أنه قال: "من قتل في البلد الحرام أو في الشهر الحرام أو ذا رحم أو محرمًا، فعليه دية وثلث "، أي: اثنا عشر ألفًا (الدية الكاملة للحر) زائد أربعة آلاف (ثلث الدية الكاملة) تغليظًا.

والقائلون بهذا الرأي يقولون: إنه أثر عن الصحابة - رضي الله عنهم - بلا خلاف ولا إنكار، وإذا جاء قول عن الصحابة ولا يعارضه دليل من كتاب ولا سنة، فينبغي أن يؤخذ به.

وإذا كان المسلم واجبًا عليه أن يخشى الله -سبحانه وتعالى- في كل مكان وزمان، فيأتي بأوامره وينتهي عن نواهيه، فإن ارتكاب المعاصي في الأماكن المقدسة والأشهر الحرم يكون أفظع، وكلما كان الأجر أعظم كان العقاب أشد، فمن يتعدى ويتجاوز حدود الله تعالى في مكة أو في المدينة ليس كمن يتجاوزها في غيرهما من بقاع الأرض.

• قوله: (وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَنْ قَتَلَ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ (٤) وَعُمْدَةُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ).


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٣٨١)؛ حيث قال: "ولا تغلظ الدية بموضع غير الحرم".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٧٢٨٢) عن ابن أبي نجيح، عن أبيه قال: "أوطأ رجل امرأة فرسًا في الموسم فكسر ضلعًا من أضلاعها، فماتت، فقضى عثمان فيها بثمانية آلاف درهم؛ لأنها كانت في الحرم، جعلها الدية وثلث الدية".
(٣) لم أقف عليه، قال الألباني في "إرواء الغليل" (٧/ ٣١٠): "لم أره عن ابن عمر، وإنما عن أبيه". وتقدم أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
(٤) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٢/ ٢١٦)؛ حيث قال: "وكذلك التغليظ في ذي الرحم".

<<  <  ج: ص:  >  >>