للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: إما أن يعود الإنسان طبيعيًّا بلا أثر للإصابة، وإما أن يبقى عيب وأثر لتلك الإصابة؛ فيرى الإمام مالك: إلزامَ الحكومة فيما دون الموضحة بشرط أن يوجود لها أثر يشين الجسم.

ويرى غيره من فقهاء الأمصار: إلزامَ الحكومة مطلقًا سواء برئت على عيب أو لا.

وبعض الفقهاء يفرق بين أن يكون هذا الشين في الوجه أو في غيره؛ فإذا كانت في الوجه كانت علامة ظاهرة، أما إن كانت في الرأس فقد تغطى بالشعر، أو بالعمامة، أو الغترة، أو غير ذلك؛ فلا يُرَى ذلك العيب؛ لذلك غلَّظ بعضهم في الوجه كما سيأتي عند سعيد بن المسيب.

• قوله: (فَهَذهِ هِيَ أَحْكَامُ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ، فَأَمَّا الْمُوضِحَةُ فَجَمِيعُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ فِيهَا إِذَا كانتْ خَطَأً خَمْسًا مِنَ الإِبِلِ (١)).

قال: "إذا كانت خطأً"؛ احترازًا؛ لأن العمد فيه القصاص إلَّا أن يُعفى إلى دية. فالمُوضحة إن كانت الجناية على الإنسانِ عمدًا ففيها (القَوَد)، أي: القصاص، وإن كانت خطأً ففيها (الدية)، وديتها: خمس من الإبل، ودليل ذلك: كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن في حديث عمرو بن حزم، وهذا الحديث أخرجه النسائي وغيره (٢)، وأخرجه بعض


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٨٨) قال: "وفي الموضحة إن كانت خطأ نصف عشر الدية".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٥٦) قال: "وفي جناية الخطإ فثبتت يلزمه دية خطإ خمس من الإبل، وكالخطإ، أي: كما يلزمه دية الخطإ في غيرها مما له عقل مسمى كموضحة".
ومذهب الشافعية: لم أقف عليه.
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أُولي النهى" للرحيباني (٦/ ٩٥) قال: "وإن كان أوضحه خطأ وجبت الخمس من الأنواع الخمسة المتقدمة، من كل نوع بعير ابن مخاض وبنت مخاض وبنت لبون وحقة وجذعة".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>