للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: هو قول جماهير العلماء؛ كمالك والشافعي وأحمد (١) وغيرهم، فيقولون: إن المفروض من الصلوات -التي هي فرض عين- هي الصلوات الخمس فقط، وَهي أحد أركان الإسلام، كما جاء في الحديث الصحيح من حديث عبد الله بن عمر: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ" (٢)، والكلام هنا على الصلوات التي في اليوم والليلة، وإلا فهناك صلوات كالجمعة فرض عين بالإجماع، لكنها ليست التي يقصدها المصنف المأمور بها في اليوم والليلة، وسيأتي الكلام عنها وعن مسائلها، كَهَلْ هي بدل عن الظهر، أو هي أصل مستقل بذاته؟! (٣).

والقول الثاني: هو قول أبي حنيفة؛ فرأى أن الصلوات الخمس فرض، كما يقول جماهير العلماء إلا أنه خالفهم، وأضاف إلى الصلوات الخمس المعروفة صلاة الوتر، ورأى وجوبها لا فرضيتها؛ فالحنفية -كما هو معلوم من دراسة أصولهم ومنهجهم- أنهم لا يرون أن وجوب الوتر بمنزلة وجوب الصلوات الخمس؛ لأنهم يفرقون بين الفرض وبين الواجب، والفرض عندهم آكد من الواجب (٤).


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ١٢٥) قال: "وتجب الصلاة الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم ذكر أو أنثى أو خنثى، حر أو عبد أو مبعض مكلف، أي: بالغ عاقل غير حائض ونفساء فلا تجب عليهما".
(٢) أخرجه البخاري (٨)، ومسلم (١٦/ ١٩).
(٣) فيها خلاف بين أهل العلم، وسيأتي في موضعه.
(٤) يُنظر: "الفصول في الأصول" للجصاص (٣/ ٢٣٦) قال: "الفرض: فهو ما كان في أعلى مراتب الإيجاب. والواجب دون الفرض، ألا ترى أنا نقول: الوتر واجب، وليس بفرض، وصلاة العيد واجبة، وليست بفرض، وقال -عليه السلام-: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم"، ولم يرد به الفرض، ولا يجوز لنا أن نقول: يدل على أنه فرض على كل محتلم، ويدل على أن معنى الفرض قد يخالف معنى الواجب: أنه قد يمتنع إطلاق الفرض فيما لا يمتنع فيه إطلاق الواجب؛ لأنا نطلق أنه يجب على الله تعالى من جهة الحكمة مجازاة المحسنين، ولا نقول إن ذلك فرض عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>