للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدًّا - فإنها تتداخل، لكن لو أُصِيب إنسانٌ في وجهه فأوضحت العظم ثم أصابه مرة أُخرى فأوضحه فهل تكون موضحة واحدة أم اثنين؟

الجواب: لا، إلا أن العلماء شرطوا أن تكونا متصلتين، فإن وُجِد فاصل بينهما فهما اثنتان، وهكذا غيرها من الشِّجاج إذا لم تداخل فإنها تكون أكثر من واحدة حسب الواقعة (١).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٣١٦) قال: "ولو شج رأس إنسان موضحة فصارت منقلة فاختلفا في ذلك فقال المشجوج صارت منقلة بضربتك وعليك أرش المنقلة، وقال الشاج: لا، بل صارت منقلة بضربة أُخرى حدثت فالقياس على السِّن أن يكون القول قول الشاج، وفي الاستحسان القول قول المشجوج، وللقياس وجهان؛ أحدهما: أن المضروب والمشجوج يدعيان على الضارب والشاج الضمان وهما ينكران، والقول قول المنكر مع يمينه، والثاني: أنه وقع التعارض بين قوليهما، والضمان لم يكن واجبًا فلا تجب بالشك".
ومذهب المالكية، يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد (١٣/ ٤٣٥ - ٤٣٦) قال: "ومن المجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: ومن أصيب بجائفتين، أو مأمومتين، ومثقلتين؛ فإنه يعقل كل ذلك له، وإن أوضح في وجهه ورأسه موضح؛ فله عقل ذلك كله؛ كل موضحة خمسون دينارًا، وإن أوضحه من قرنه إلى قدمه، فإنما له عقل موضحة واحدة. قال أشهب: إن كان ذلك في ضربة واحدة، أو ضربات متواليات، فأما إن ضرب ضربة، فأوضحه موضحتين؛ بينهما فرجة، ثم بدا له، فضربه ضربة خرقت ما بينهما، فله عقل ثلاث مواضح".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ٤٦١) قال: "ولو أوضح موضعين وفي نسخة موضحتين والأُولى أولى بينهما حاجز هو لحم وجلد قيل، أو بينهما أحدهما فموضحتان ما لم يتآكل الحاجز، أو يزله الجاني أو يخرقه في الباطن دون الظاهر على الأوجه قبل الاندمال".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣١٩) قال: "وإن أوضحه موضحتين ثنتين بينهما حاجز فعليه عشرة أبعرة؛ لأنهما موضحتان، وإن ذهب الحاجز بفعل جان أو سراية صارا، (أي: الجرحان) موضحة واحدة كما لو أوضح الكل بلا حاجز وإن اندملتا ثم أزال الحاجز بينهما فعليه خمسة عشر بعيرًا لاستقرار أرش الُأوليين عليه باندمالهما ثم لزمه أرش الثالثة، وإن اندملت إحداهما ثم زال الحاجز بفعل جان أو سراية الأُخرى فموضحتان".

<<  <  ج: ص:  >  >>