للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطالب بالبيان؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

ولذلك وضع الأصوليون القاعدة المعروفة: "لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة" (١)؛ ولا شك أن الناسَ بحاجة إلى البيان، فكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أطلق فهذا دليل على اتحادها في الحكم، وليس شرطًا أن تتساوى الأمور، فقد تكون خطيئة أكبر من خطيئة، ومع ذلك يتحد حكمهما، فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الكتاب نفسه أيضًا: "وفي السن خمس من الإبل" (٢)، فلو ضُربتِ الخمسةُ بأعداد الأسنان والأضراس؛ لوجدت أنها تزيد عن الدية ومع ذلك قال به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد تكون الأمور توقيفية وفيها نص ظاهرٌ، ومع ذلك يختلف العلماء في المفهوم، فعند الخلاف لا بد من العودة إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا لوم على من يأخذ بحكم من الأحكام ثم يقول: هذا هو الذي قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وإن كان الذي خالف ذلك صحابي من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقول رسول الله هو المقدم بعد قول الله تعالى.

قوله: (وَقَدْ قِيلَ عَنْ مَالِكٍ إِنَّهُ قَالَ: "إِذَا شَانَتِ الْوَجْهَ كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ" (٣)، وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ عِنْدَ مَالِكٍ: مَا نَقَصَ مِنْ


(١) هذه من القواعد الأصولية المعتبرة عند الأصوليين.
يُنظر: "المستصفى" للغزالي (ص ١٩٢) قال: لا خلاف أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إلا على مذهب من يجوز تكليف المحال، أما تأخيره إلى وقت الحاجة فجائز عند أهل الحق خلافًا للمعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الظاهر. وانظر: "الإحكام" لابن حزم (١/ ٧٧)، و "الإحكام" للآمدي (٣/ ٣٢)، و "إرشاد الفحول" للشوكاني (٢/ ٢٦).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) يُنظر: "المدونة" للإمام مالك (٤/ ٥٦١) قال: "قلت: أرأيت موضحة الوجه، أهي مثل موضحة الرأس؟
قال: نعم إلا أن تشين الوجه فيزاد فيها لشينها. قال. فقيل لمالك: فحديث سليمان بن يسار حين قال: يزاد في موضحة الوجه بينها وبين نصف عقل الموضحة؟ =

<<  <  ج: ص:  >  >>