للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمِنْهَا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ هَاهُنَا قِيَاسًا عَلَى مَا ذُكِرَ، فَنَقُولُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةَ كَامِلَةً (١)).

من المعلوم أن للشفتين أثراً بالغاً؛ ففيهما حفظٌ لجمال الإنسان، فبهما يحاط الفم؛ فإذا تكلم الإنسان تحركت شفتاه، وللشفة السفلى منافع وللعليا كذلك، فلكل واحدة منهما منافع، وما خلق الله سبحانه وتعالى أيَّ شيء في هذا البدن إلا وله منافع واضحة، وهذا أمر لا يحتاج إلى بيان؛ فإذا تعطل لسان الإنسان تعطَّل كلامه، وإذا تعطَّل سمعه أصبح لا يدري ما يقال وفاتته أشياء كثيرة، وإذا ذهب بصره أصبح لا يدري أين يذهب واحتاج إلى قائد يقوده، وكذلك إذا تعطَّلت رجلاه فلن يستطيع المشي، وإذا ذهبت يداه أو شُلَّتا فلن يستطيع أن يبطش بها، ولا أن يعمل أو يحمل بها.

وهذه الأعضاء التي خلقها الله سبحانه وتعالى في الإنسان تستحق من كل عبد من عباده أن يشكره سبحانه وتعالى عليها؛ فهو الذي خلق هذه الأعضاء


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" للحصكفي (٦/ ٥٧٧ - ٥٧٨) قال: "والشفتين … الدية … وفي كل واحد من هذه الأشياء المزدوجة نصف الدية".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٤/ ٢٧٣) قال: "والدية في قطع … الشفتين".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ٤٦٦) قال: "وفي قطع أو إشلال كل شفة وهي كما في بعض نسخ المتن في عرض الوجه إلى الشدقين وفي طوله إلى ما يستر اللثة نصف من الدية لخبر فيه، فإن كانت مثقوبة نقص منها قدر حكومة وفي بعضها بقسطه كسائر الأجرام".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أُولي النهى" للرحيباني (٦/ ١١٨) قال: "وفي شفتين صارتا لا تنطبقان على أسنان، أو استرختا فلم تنفصلا عنها، أي: الأسنان ديتهما؛ لتعطيله نفعهما وجمالهما كما لو شلهما أو قطعهما، وإن تقلصتا بعض التقلص فحكومة؛ لذلك النقص، وحد الشفة السفلى من أسفل ما تجافى عن الأسنان واللثة مما ارتفع عن جلدة الذاقن، وحد الشفة العليا من فوق ما تجافى عن الأسنان واللثة إلى اتصاله بالمنخرين والحاجز. وحد ما تجافى الشفتين طولًا طول الفم إلى حاشية الشدقين".

<<  <  ج: ص:  >  >>