للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أراد التوسع في هذا الباب فليقرأ ما كتبه الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه العظيم "مدارج السالكين" (١) عندما تكلم عن هذه الحواس وفوائدها، ووقف عندها وحددها، وهو من العلماء الذين إذا كتبوا أجادوا، وإذا تكلموا أثروا، فلقد تحدَّث عن خصائص البدن وما فيه من الفضائل الكثير، وهذا أمر يشاهده كل إنسان ويراه رأي العين؛ فإذا مرض الإنسان منه عضو تداعى له سائل الجسد بالحمى والسهر (٢).

قوله: (وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الدِّيَةِ (٣)، وَرُوِيَ عَنْ قَوْمٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّ فِي السُّفْلَى ثُلُثَيِ الدِّيَةِ (٤)؛ لِأَنَّهَا تَحْبِسُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ).

كأنهم رأوا أن نفعها (أي: السفلي) أكبر، لكن في الحقيقة أن لكل واحدة منهما نصف الدية.

قوله: (وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّ حَرَكَتَهَا وَالْمَنْفَعَةَ بِهَا أَعْظَمُ مِنْ حَرَكَةِ الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَهُوَ مَذْهَبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (٥)).

"الزوج" هو كل شيء في بدن الإنسان فيه اثنان؛ ففيهما جميعًا دية، وفي كل واحد منهما نصف الدية، وهو أكثر ما في بدن الإنسان؛ إذ هناك


(١) يُنظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (١/ ١٣٦) وما بعدها.
(٢) وهذا معنى حديث أخرجه مسلم (٢٥٨٦/ ٦٦) عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
(٣) وقد تقدم قول جمهور الفقهاء، أن في كل شيء منه زوج؛ ففيه نصف الدية.
(٤) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٧/ ٤١٥) قال: "وفيه قول ثان وهو: أن في الشفة العليا ثلث الدية وفي الشفة السفلى ثلثا الدية .... وبه قال ابن المسيب، والزهري".
(٥) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٧/ ٤١٥) قال: "وفيه قول ثان وهو: أن في الشفة العليا ثلث الدية وفي الشفة السفلى ثلثا الدية. روينا هذا القول عن زيد بن ثابت".

<<  <  ج: ص:  >  >>