للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتبعهم الإمام أحمد (١)، ومعنى "اصطلمت" (٢)، أي: استؤصلتا، أي: قُطعتا، واستأصلهما، أي: قطعهما فكان فيهما الدِّية.

قوله: (وَلَمْ يَشْتَرِطُوا إِذْهَابَ السَّمْعِ).

وهنا أمران بالنسبة للأذنين: فلو أن إنسانًا قطع أذني إنسان من أصلهما ففيهما دية حتى وإن بقي السمع، وسيأتي ما أُثِر عن عثمان في ذلك.

أما لو أذهب السمع مع بقاء الأذنين ففيه الدية كذلك، وفي الحالة الأُخرى إذ أذهب السمع وهو شيء واحد في البدن ففيه دية أيضًا؛ لأنه عطل المنفعة فلما عطل المنفعة وجب عليه دية تلك المنفعة، وهو شيء واحد في البدن، وإن كان له مصدران لكنه زال فوجب فيه الدية.

قوله: (بَلْ جَعَلُوا فِي ذَهَابِ السَّمْعِ الدِّيَةَ مُفْرَدَةً).

ذهب الأئمة الثلاثة (٣) إلى أنه لو استُؤصل الأذنان قطعًا ففيهما الدية،


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣١٢) قال: "ومن … قطع أذنين … ذهب السمع بقطع الأذنين فعليه ديتان؛ لأن … السمع من غير الأذنين فلا تدخل دية أحدهما في الآخر … فإن ذهب سمع إحدى الأذنين دون الأُخرى فنصف الدية".
(٢) "صلم الشيء": قطعه من أصله، وقيل: الصلم: قطع الأذن والأنف من أصلهما، وصلمهما إذا استأصلهما، والصلم: القطع المستأصل. يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٢/ ٣٤٠).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٨/ ٣٧٧) قال: "وفي … السمع … يعني: تجب في كل واحد منهما دية كاملة … وأما السمع فلأنه بفواته يفوت جنس المنفعة على الكمال وهو منفعة الاستماع".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٨/ ٤٧٤) قال: "وفي إبطال السمع دية إجماعًا؛ ولأنه أشرف الحواس حتى من البصر عند أكثر الفقهاء؛ لأنه المدرك للشرع الذي به التكليف وكفى بهذا تميزًا، ولأن المعرفة به من سائر الجهات وفي كل الأحوال … وفي إزالته من أذن نصف من الدية لا لتعدده بل لأن ضبط النقص بالمنفذ أولى وأقرب منه بغيره، وقيل: قسط النقص من الدية ورد بأن السمع واحد كما تقرر". =

<<  <  ج: ص:  >  >>