للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صحَّ ذلك عنهما (١). فكيف نوازن بين قول الصاحبي، وفتوى الصحابي؟

الجواب: قد صح هذا ولم يصح الآخر، وما قد صح أخذ به الجمهور، وهو الأقوى في هذه المسألة.

قوله: (وَقَالَ: "إِنَّهُمَا لَا يَضُرَّان السَّمْعَ، وَيَسْتُرُهُمَا الشَّعْرُ أَوِ الْعِمَامَةُ").

هذا تعليل لدية قطع الأذنين؛ وتغطَّى الأذن إذا قُلِعت، وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يغطيها في كل حال؛ فليغطِّها إذن بعمامة كبيرة فترة وجيزة فقط ثم يخلع ذلك الشيء.

قوله: (وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ (٢)، وَعَلِيٍّ (٣)، وَزَيْدٍ (٤) أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي الأُذُنِ إِذَا اصْطُلِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ).

ففي الأذن نصف الدية وفي الأذنين الدية كاملة، وهذا عن ثلاثة من الصحابة، وهؤلاء الصحابة الثلاثة كلهم ممن اشتهر بالفقه (فعمر فقيه، وعلي قال فيه الرسول: "أقضاكم عليّ"، وزيد بن ثابت، اشتهر بالفقه وبجانب خاص منه وهو الفرائض (٥).


(١) سيأتي تخريجها.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٩/ ٣٢٤)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٥٤) عن طاوس، "أن عمر بن الخطاب، قضى في الأذن إذا استؤصلت نصف الدية". وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٩/ ٣٢٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٥٤) عن علي قال: "في الأذن إذًا النصف يعني نصف الدية". وإسناده صحيح.
(٤) لم أقف عليه، بل وقفت على خلافه؛ أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٥٤) عن زيد، قال: "إذا اصطلمت الأذن ففيها ديتها".
(٥) أخرجه ابن ماجه (١٥٤) وغيره عن أنس بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أبيّ بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أمينًا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح". وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٢٢٤) و (١٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>