للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهما بقوله: "وفي البيضتين الدية" (١)، ففي كل واحدة منهما نصف الدية ولم يفرق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينهما فلم يقل مثلًا: في هذه الثلثان، وفي الأُخرى الثلث، أو في هذه أكثر أو أقل، ونحن نقف على ما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد مرَّ ذكر الأنثيين في الوضوء في قوله: "يغسل ذكره وأنثييه" (٢)، وفي بعضها: "من المني"، وفي بعضها: "يغسل ذكره ويتوضأ" (٣).

فالأنثيان: جمع أنثى، ولا شك أن فيهما نفعًا، وهما - كما هو معلوم - وسيلة التناسل، وهذا مما أمر الدين الحنيف بحفظه والمحافظة عليه.

إذن في كلِّ واحدة منهما نصف الدية؛ لأنهما اثنتان في بدن الرجل، ولا فرق في هذه الأعضاء بين أن يكون كبيرًا أو صغيرًا، ولا بين أن يكون عاقلًا أو مجنونًا فإذا تُعدِّي عليه فلا فرق فيه فيما يتعلق بهذا الحكم، لكن يختلف العلماء فيما لو كان صغيرًا لا يتكلم ثم قُطِع لسانه فهل فيه دية كاملة؟

الجواب: قال أكثر العلماء (٤): بأن فيه الدية كاملة، وخالف الحنفية


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٠٨) وغيره عن عروة، أن علي بن أبي طالب، قال للمقداد وذكر نحو هذا قال فسأله المقداد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليغسل ذكره وأنثييه". وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٢٠٣).
(٣) أخرجه أبو داود (٢١١) وغيره عن عبد الله بن سعد الأنصاري، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال: "ذاك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة". وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٢٠٦).
(٤) قول الشارح أكثر العلماء ليس يحتاج إلى تأمل، حيث إن الشافعية والحنابلة قالوا بالدية في مقابلة الحنفية المالكية قالوا بالحكومة:
فمذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٣٢٨) قال: "وفي لسان ناطق ولو لألكن وأرت وألثغ وطفل وإن لم يظهر أثر نطقه وشمل ما لو كان ناطقًا فاقد الذوق، وإن قال الماوردي: إن فيه الحكومة كالأخرس، ولو قطع لسانه فذهب كلامه وذوقه لزمه ديتان إن قلنا بأن الذوق ليس في اللسان دية لخبر صحيح فيه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>